الحمد لله الذي جعل عمر الآدمي سفرا إلى الأخرى طويلا وقصيرا ، فسار الناس ببضائع الأعمال فربح المتيقظون ربحا كثيرا ، وهلك المفرطون فكل منهم عاد مسكي... نا فقيرا ، عرضت لهم الشهوات في بَر البِر فصار الجاهل لها أسيرا ، فجَدَلَهُ سَبعُ الهوى فجَنْدَلَهُ فلقي هونا وتغبيرا ، وكم حثه...
الحمد لله الذي جعل عمر الآدمي سفرا إلى الأخرى طويلا وقصيرا ، فسار الناس ببضائع الأعمال فربح المتيقظون ربحا كثيرا ، وهلك المفرطون فكل منهم عاد مسكي... نا فقيرا ، عرضت لهم الشهوات في بَر البِر فصار الجاهل لها أسيرا ، فجَدَلَهُ سَبعُ الهوى فجَنْدَلَهُ فلقي هونا وتغبيرا ، وكم حثه الشرع على الجد كما يحث المستأجر أجيرا ، ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ) ، أحمده حمد من جعل حمده مصباحا وسميرا ، وأصلي على رسوله المبعوث بشيرا ونذيرا ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه ورزقنا حسن إتباعه وكان ربك قديرا .
أما بعدُ : فإني رأيت العمر بضاعة للآدمي ، فعجبت من تفريط الناس فيه وكأنهم ما علموا أن الدنيا ميدانُ سباق ، وأن غاية العمر الغاية ، إلا أن التفاضل في السباق على مقدار الهمم ، وتفاوت الهمم على قدر الإيمان بالآخرة ، فمن صدق يقينه جد ، ومن تيقن طول الطريق استعد ، ومن قلت معرفته تثبط ، ومن لم يعرف المقصود تخبط .
وقد رتبت هذا الكتاب على ثلاثة أبواب :
الباب الأول في بيان شرف العمر والحث على اغتنامه في الخير
الباب الثاني في ذكر من كان يبادر العمر ويبالغ في حفظ لحظاته