جاءت شرائع الإسلام العظيمة وأحكامه المتزنة من الشمول بحيث تنتظم أمور الحياة كافة في المعاش والمعاد، وفي العاجل والآجل. فلا تخلو واقعة من وقائع الح... ياة المتكاثرة عن حكم لله تعالى فيها، عرفه من عرفه، وجهله من جهله. ولما كان علم أصول الفقه هو العلم المهيىء لاستنباط الأحكام،...
جاءت شرائع الإسلام العظيمة وأحكامه المتزنة من الشمول بحيث تنتظم أمور الحياة كافة في المعاش والمعاد، وفي العاجل والآجل. فلا تخلو واقعة من وقائع الح... ياة المتكاثرة عن حكم لله تعالى فيها، عرفه من عرفه، وجهله من جهله. ولما كان علم أصول الفقه هو العلم المهيىء لاستنباط الأحكام، والركن الأساسي لبلوغ درجة الاجتهاد، وتبيين الحلال من الحرام، بما يمتاز به من تعقيد لقواعد الشرع وقضايا الألفاظ المتداولة، من منطوق ومفهوم، ومطلق ومقيد، وعام وخاص، ومجمل وبين، وحقيقة ومجاز، وغير ذلك من مدلولات الكلام العربي الذي نزل به الوحي، وكانت بحوثه إنما تنصب على الكتاب والسنة والإجماع والقياس وما يتعلق بها ويرجع إليها من المعاني والدلاالات، كانت أهميته عظيمة، ورتبته بين سائر العلوم المتقدمة.
إذ أن بنيانه قد قام على النصوص السمعية والحقائق العقلية فارتفع بذلك مكانه وعز سطلانه، ولذلك فإن مسائله المقررة وقوعده المحررة تؤخذ مسلمة عند كثير من الناظرين، لاعتقادهم أن مسائل هذا الفن هي قواعد مؤسسة على الحق المبين، والنهج القومين، لكنها مربوطة بأدلة علمية فمن المنقول والمعقول وعلم أصول الفقه، وإن كان فيه بعض الصعوبة التي قد يلمسها الدارس لهذا العلم في كثير من مباحثه نظراً لما في طبيعته من الاعتماد على العقل والمنطق، والمحاورة والاستدلال، إلا أن ذلك يهون بالنظر لما فيه من فوائد جمة تكسب الدارس له ملكة علمية فذة، وشفافية خاصة، تشحذ فيه عقله وتنمي مداركه لإدراك حقائق العلوم ووقائعها.
وفي هذا الكتاب دراسة للحكم الشرعي ومابحث الكتاب العزيز في أصول الفقه. وهي دراسة مبسطة ينبغي لدارسي هذا العلم الإلمام بها قبل الولوج فيها. وقد جاءت ضمن قسمين. تضمن القسم الأول من هذه الدراسة الأحكام الشرعية، وتناول القسم الثاني منها المباحث المتعلقة بالكتاب العزيز.