يقدم هذا الكتاب من أهم التصانيف التي صنفت على طريقة المتكلمين، وهو تلخيص للتقريب والإرشاد للباقلاني. وهذا الكتاب ألفه إمام الحرمين في بداية حياته ... العلمية أيام مكثه في مكة المكرمة، ويبدو أنه أول تأليف له، ثم تتابعت تآليفه بعد رجوعه إلى نيسابور. ومما نعلمه بالتحقيق أن هذا...
يقدم هذا الكتاب من أهم التصانيف التي صنفت على طريقة المتكلمين، وهو تلخيص للتقريب والإرشاد للباقلاني. وهذا الكتاب ألفه إمام الحرمين في بداية حياته ... العلمية أيام مكثه في مكة المكرمة، ويبدو أنه أول تأليف له، ثم تتابعت تآليفه بعد رجوعه إلى نيسابور. ومما نعلمه بالتحقيق أن هذا الكتاب قد كتب قبل الشامل والإرشاد لأنه ورد ذكره فيهما، وقبل العقيدة النظامية لأنه من أواخر مؤلفاته، وقبل الغياثي، لأنه ورد ذكر العقيدة النظامية في الغياثي وقبل البرهان لأن البرهان كتب بعد الغياثي كما يدل عليه ذكره في البرهان.
ولم يكن الإمام قد نضجت آراؤه في وقت تأليف هذا الكتاب، ولذا نراه يرجع عن آرائه الكثيرة الموجودة في هذا الكتاب، ويرد عليها في البرهان، ويرى القارئ بوضوح أن التبعية للقاضي هي الغالبة في هذا الكتاب، لكن ذكاءه وفطنته حملاه على أن لا يكون مقلداً جامداً لآراء القاضي، فثار عليه في بعض الأحيان، وناقشه واختار لنفسه مسلكاً آخر ترجح لديه بالأدلة، وكان لطيفاً في الرد على القاضي، فإذا رد عليه قد يلتمس له عذراً فيما قاله.
وبالعودة لمنهج المؤلف في التلخيص نجده قد قام أولاً: بشرح المواضيع المشكلة وتوضيحها، ثانياً: حذف من الكتاب الأقوال المكررة، وما ليس فيه كبير فائدة، وما يمكن الاستغناء عنها بالموجود، ثالثاً: لم يقتصر على شرح واختصار ما هو موجود في التقريب والإرشاد، بل أضاف عليه فائدة علمية جديدة. رابعاً: نقح آراء القاضي وأشار إلى ما هو الأصح عنده، ففي مسألة تكرار الأمر هل يقتضي التكرار. خامساً: ذكر آراء المخالفين وأدلتهم ثم يناقشها، ويبين ما هو الصواب عنده واستغنت عن إيراد أمثلته بسبب وجوده في كل مسألة. سادساً: كثيراً ما يذكر أدلة المخالفين في صورة الأسئلة، ويرد عليها. سابعاً: الكتاب كله مكتوب بأسلوب الفنقلة أي فإن قيل كذا، قيل كذا، ثامناً: يحرر المسألة ويذكر محل الوفاق والخلاف.
أما عمل المحقق فيتلخص في التحقيق فيما يلي: ملأ الفراغ الناتج من الخرم والطمس بواسطة الاقتباسات المنقولة من هذا الكتاب في كتب أخرى. أشار إلى مواضع السقط، وإن اهتدى إلى ما سقط منها بينها في الهامش، الآيات التي أوردها المصنف بين أرقامها وأسماء سورها، خرج الأحاديث الواردة في الكتاب من مظانها، ونقل أقوال العلماء فيها صحة وضعفاً، فإن كان الحديث في الصحيحين أو في أحدهما لم أحتج إلى بيان درجة الحديث، لتجاوزها القنطرة. نسب الأقوال إلى قائليها، حيث إن المصنف ذكر الأقوال، ولم ينسلها إلى قائليها في الغالب. ذكر اختلاف الفقهاء في المسائل الفقهية التي أوردها المصنف باختصار مع الإحالة على المراجع، رقم الأبواب والفقرات، أشار إلى نهاية كل ورقة، ووضع الفهارس على أرقام الفقرات سوى فهرس موضوعات القسم الدراسي وفهرس الفهارس، فقد وضعها على الصفحات.