يعتبر الإسناد من علوم الحديث الهامة. وقد اختص به مجموعة من علماء السلف، وكان لهم مؤلفاتهم التي ظلت متداولة إلى يومنا هذا وقد كان لعلماء مصر المحرو... سة نصيب وافر، وفضل ظاهر في خدمة الحديث وعلومه بصورة عامة وفي علم الإسناد بصورة خاصة. وإن من علماء القاهرة الأكابر الذين دارت...
يعتبر الإسناد من علوم الحديث الهامة. وقد اختص به مجموعة من علماء السلف، وكان لهم مؤلفاتهم التي ظلت متداولة إلى يومنا هذا وقد كان لعلماء مصر المحرو... سة نصيب وافر، وفضل ظاهر في خدمة الحديث وعلومه بصورة عامة وفي علم الإسناد بصورة خاصة. وإن من علماء القاهرة الأكابر الذين دارت عليهم أسانيد الشيوخ في مشارق الأرض ومغاربها، الحافظ شمس الدين البابلي صاحب هذا الثبت، فقد أحيا علم الحديث في بلده القاهرة، ثم استوطن قلة المشرفة بعد فترة من الزمن فأخذ عنه الفاوي والرائح، ونالوا بعلو إسناده وجليل علمه الكثير والقيم، وما ترجم له أحد إلا وشهد له بالحفظ التام والعلم الغزير، والصلاح وجميل الصفات، وكثرة الآخذين عنه.
قال المحبي: "محمد بن علاء الدين، أبو عبد الله شمس الدين البابلي، القاهري، الأزهري، الشافعي، الحافظ، أحد الأعلام في الحديث والفقه، وأحفظ أهل عصره لمتون الأحاديث، وأعرفهم بجرحها ورجالها، وصحيحها وسقيمها، وكان شيوخه وأقرانه يعترفون له بذلك. وكان إماماً زاهداً ورعاً، بركة من بركات الزمان، حكي أنه رأى ليلة القدر ودعا بأشياء منها أن يكون مثل ابن حجر العسقلاني في الحديث، فكان حافظاً نبيهاً ما وقع نظره قبل انكفافه على شيء إلا وحفظه بديهاً، والذي عدًّ من محفوظاته: القرآن بالروايات، و"الشاطبية" و"البهجة" و"ألفية العراقي في أصول الحديث"، و"ألفية ابن مالك" و"جمع الجوامع" و"متن التلخيص" وغيرها، وكتب بخطه كتباً كثيراً منها "فتح الباري" لابن حجر. وقد أجمع أسانيده ومروياته تلميذه الخاص أبو مهدي عيسى الثعالبي في فهرسته التي بين يدي القارئ "منتخب الأسانيد في وصل المصنفات والأجزاء والمسانيد".
وقد تضمنت تلك الفهرسة: الحديث المسلسل بالأولية، والمسلسل بسورة الصف، والمسلسل بالفقهاء الشافعية، والمسلسل بالفقهاء مطلقاً، رواية البابلي لكتب السنة، روايته لبقية الكتب في السيرة والمصطلح والقراءات والتفسير وغيرها من الفنون، حديث المسلسل بيوم العيد، حديث المسلسل بالمصافحة، وحديث المسلسل بالمحبة، والسلسلة النحوية، بعض اللطائف والنصائح الشعرية.
وأما مخرج هذا الثبت فهو الشيخ عيسى بن جعفر الثعالبي مسند الحجاز والمغرب، رحل إلى مصر وأخذ بها عن أكابر علمائها الذين أجازوه بمروياتهم وأثنوا عليه بما هو أهله. له مؤلفات عديدة منها الكتاب الذي بين يدي القارئ "منتخب الأسانيد..".