كانت مجالس سيد الخلق صلى الله عليه وسلم مع أصحابه عامتها مجالس تذكير بالله وترغيب وترهيب من تلاوة لكتاب الله الكريم أو مما أتاه الله من الحكمة وال... موعظة الحسنة، فهو صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم البشير النذير، والسراح المنير، فكيف لا تكون مجالسه موجبة لرقة القلوب،...
كانت مجالس سيد الخلق صلى الله عليه وسلم مع أصحابه عامتها مجالس تذكير بالله وترغيب وترهيب من تلاوة لكتاب الله الكريم أو مما أتاه الله من الحكمة وال... موعظة الحسنة، فهو صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم البشير النذير، والسراح المنير، فكيف لا تكون مجالسه موجبة لرقة القلوب، والزهد في الدنيا والترغيب في الآخرة.
وكان صلى الله عليه وسلم يتعهد أصحابه بالموعظة والنصح والتذكير، ويراعي في ذلك الأوقات، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام...
والمواعظ كما يقول بعض أهل العلم: سياط تضرب بها القلوب، فتؤثر فيها كتأثير السياط في البدن، فكلما قوي الضرب كانت مدة بقاء الألم أكثر. وفائد هذه المواعظ هي صلاح أحوال المؤمن المهاجر بقلبه إلى ربه والدار الآخرة.
وقد اشتهر جماعة من علماء السلف بالوعظ، وبالعناية بأعمال القلوب، والتذكير بأحوال الآخرة، كالحسن البصري، وبكر بن عبد الله المزني وغيرهم من أجلاء التابعين وتابعيهم...
ولعل من نافلة القول أن علماء الأمة قد طرقوا التأليف في هذا الميدان وأفاضوا في ذلك، وصنفوا فيه المؤلفات الكثيرة الجليلة، وممن اشتهر بذلك الإمام ابن قدامة المقدسي، وابن الجوزي، وله القدح المعلى في هذا الباب، والغزالي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وزين الدين ابن رجب الحنبلي وأضرابهم من الأئمة الكبار,
هذا، وقد لمس العلامة محمد جمال الدين القاسمي الدمشقي حاجة الأمة -خصوصاً في عصره- إلى الوعظ والتذكير، فألف كتابه المشهور "موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين"، وذلك لأنه كان يعلم أن موعظة العامة والتصدي لإرشادهم في التدريس من الأمور المهمة المنوطة بعلماء الأمة، لأنهم أمناء الشرع، ونور سراجه، ومصابيح علومه وحفاظ سياجه.
وبعد تتبعه لكتب الوعظ وجد أن من خير ما كتب فيه هو "إحياء علوم الدين" للغزالي فجرد وحذف ما فيه من منكرات الأخبار، واقتبس منه اللباب في هذا الباب. ثم إنه أتبع عمله هذا بتجريد كتاب "قوت القلوب في معاملة المحبوب" تأليف أبي طالب محمد بن علي، الحارثي المكي.
وهذا الكتاب يعد أحد أهم مصادر "إحياء علوم الدين" للغزالي، إذ اختصره وهذبه واقتبس من مواعظه وفرائده مسايراً لترتيبه وتبويبه، معرضاً عما فيه من بعض الأخبار والآثار المنكرة التي لا تصح ولا تناسب هذا المقام.
وهو بهذا يكون قد أضاف إلى ما سبق مادة أخرى للقائم على الوعظ والإرشاد، وسمى ما جمعه بـ"الوعظ المطلوب من قوت القلوب".