يكشف هذا الكتاب عن وجه جديد من شخصية ابن الأنباري النحوي، وثقافته الواسعة.. فهو بهذا الكتاب قد جمع زيادة على اللغة والدب والنحو، وعلوم القرآن والق... راءات، والحديث والفقه والأصول، والخلاف، والتاريخ، والتربية والأخلاق علم الأديان، والأدب والجدلي.. فهو في "الداعي" متكلم نظار، صاحب معرفة شاملة بالفلسفة اليونانية، ومعرفة عميقة بعلم الكلام، مع أدب جم، ومنطق في الجدال الرفيع.

وبهذا الكتاب قد انتظم مؤلفه في سلك العلماء الغيورين الذين قاموا بالدفاع عن عقيدة الإسلام، والرد على المخالفين بأنواع الحجج والبراهين.. فكان لهم بذلك فضل كبير في دفع الشبه عم معتقد أهل السنة والجماعة...

ويجد المطلع على هذا الكتاب أن ابن الأنباري قد أفرغ فيه علمه الغزير، وثقافته الواسعة، حيث ظهرت إحاطته التامة بآراء ومقولات الملل والنحل التي نقدها، والتيارات الفكرية وغير ذلك من أصناف المعرفة، فنال بذلك المكانة السامية المرموقة بين أبناء عصره وغيره من العصور..

إن هذا الكتاب خير دليل يعكس قوة الجدل ورصانة الحجة، وعمق التناول، وسعة المعرفة، كما يعكس الأدب الإسلامي الرفيع في الجدل.

ويمتاز الكتاب بأسلوب رصين مشرق، ولفظ جزل مختار، إذ أن ابن الأنباري لا يقلد في أسلوبه أحداً، "فإذا عرض للمسائل المطروقة ابتكر لها تنسيقاً جديداً، ونظرة شاملة، ثم وضع تصميم البناء الذي تخيله، ثم صبه في قالب بديع، لا تجد له نظيراً فيما سبق".

وبالجملة، فإن كتاب "الداعي إلى الإسلام، يعد مصدراً جليلاً من مصادر تراثنا في الدفاع عن العقيدة الإسلامية، ورد شبهات أعداء الإسلام.

وخدمة من "سيد حسين باغجلان" لهذا الكتاب فقد اهتم بتحقيقه ودراسته حيث اعتنى بالتعريف بالاصطلاحات الكلامية والفلسفية الواردة في الكتاب، بالرجوع إلى كتب الإصطلاحات، مثل: التعريفات للجرجاني، وكشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي. كما وشرح الكلمات الغريبة اعتماداً على كتب اللغة والغريب.

وذكر أرقام الآيات القرآنية الكريمة، وموردها في السور في الهامش. وخرج الأحاديث الشريفة التي ذكرها المؤلف أو أشار إليها، وذلك الاعتماد على أمهات كتب السنة. وخرج نصوص العهد القديم والعهد الجديد، ووضع أرقام الإصحاحات، والفقرات، مراجعاً العهدين القديم والجديد.

كما خرج الأمثال من كتب الأمثال الأصلية. وعرف بالفرق والطوائف أيضاً. حاول أن يحيل على المراجع المختلفة التي تدرس نفس المسألة أو الموضوع بقدر الاستطاعة. وكذلك عرف بالأعلام الواردة في الكتاب، مع الإحالة على مصادر تراجمهم في كتب الرجال والطبقات.

عمل في آخر الكتاب فهارس تفصيلية للموضوعات، والمراجع، والآيات، والأحاديث، والأمثال، والأشعار، والأعلام، والكتب والفرق – التي وردت في الكتاب.