إن "الأربعين" التي جمعها الإمامُ محيي الدِّين النَّوويُّ، قد "اشتهرت وكَثُر حفظُها، ونفع الله تعالى بها ببركة نيَّةِ جامعها، وحُسْنِ قَصْدِه"، فاعتنى بها العلماء ما بين تخريج لها وشروح وتعليقات تربو على التسعين، واستمرت العناية بها إلى عصرنا هذا حفظاً وتدريساً لمن بدأ بطلب العلم؛ وذلك لما اشتملت عليه أحاديثَ جامعة، فكل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدِّين، قد وصفه العلماء بأن مدار الإسلام عليه، أو نصف الإسلام، او ثلثه، أو نحو ذلك.
ومن تلك الشروح شرح تلميذه وصاحبه الذي كان يُعرف به ابن العطَّار، فقد شرح هذه الأربعين وذكر في صدرها أن الإمام النَّووي كان عازماً على شرح هذه الأربعين، ولكن المنية اخترمته، فقام ابن العطَّار بهذا الشرح اللطيف المعنى والمبنى.
وقد حاول أن يجعل من شرح هذه الأربعين، ما كان منثوراً من كلام شيخه في مصنفاته الأخرى خصوصاً "شرح صحيح مسلم"، وأما الألفاظ وغريبها وضبط بعض الأسماء، فممَّا ذكره النَّووي في آخر الأربعين، وما لم يكن في مصنفاته شرحه شرحاً موجزاً جامعاً، مُعتنياً بالجانب الزُّهدي والوعظي، مُشيراً إلى بعض الأحكام التي تُؤخذ من الحديث.
ولأهمية هذا الشرح، عمل على تحقيقه والتعليق عليه الأستاذ محمد العجمي وذلك إتماماً للفائدة.