نهج البلاغة هو ما اختاره السيد الرضي رضي الله عنه من خطب ووصايا وأدعية، وقد قسمه إلى ثلاثة أقطاب-كما يقول في ذلك-أولها الخطب والأوامر، وثانيها الكتب والرسائل وثالثها الحكم والمواعظ، ثم يقول في معايير الاختيار: فأجمعت بتوفيق الله تعالى على الابتداء باختيار محاسن الخطب، ثم...

نهج البلاغة هو ما اختاره السيد الرضي رضي الله عنه من خطب ووصايا وأدعية، وقد قسمه إلى ثلاثة أقطاب-كما يقول في ذلك-أولها الخطب والأوامر، وثانيها الكتب والرسائل وثالثها الحكم والمواعظ، ثم يقول في معايير الاختيار: فأجمعت بتوفيق الله تعالى على الابتداء باختيار محاسن الخطب، ثم الكتب، ثم محاسن الحكم والأدب مفرداً لكل صنف من ذلك باباً. وإذا ما دققنا في مجموع ما أورد السيد الرضي لوجدناه مقسماً، من حيث التركيب والهدف من القول والموضوع إلى الأصناف التالية: 124 خطبة، 113 كلاماً، 63 كتاباً، 12 وصية، 5 أدعية، أحلف، عهدان. هذا غير الكلمات القصار التي أغلبها اقتطعت من الخطب، أو هي في الأصل أقوال قالها أمير المؤمنين عليه السلام في مناسبات، أو تعليقاً على الأحداث، أو هي أجوبة على مسائل مختلفة سئل عنها. وقدم لنا الشريف الرضي في نهج البلاغة نماذج من دعاء أمير المؤمنين ومن عهوده وأحلافه وحتى نماذج من خطبه وكلماته ليست بالكامل، فثمة خطب وكلام كثير قاله أمير المؤمنين لم يذكره السيد الرضي في النهج لعله من العلل، وحتى بعض الخطب لم يذكرها كاملة لأنه اقتطع منها ما ناسب ذوقه الأدبي، فكان يختار الجزء البليغ من الخطبة ويترك البقية خشية التكرار أو أنه لم ير فيها السبك البلاغي المتناسب مع كلام أمير المؤمنين عليه السلام.

ولما كانت الفروق واضحة بين الأصناف التي ذكرناها. فقد ارتأى الدكتور "محسن باقر الموسوي" وضع هذه الدراسة حول نهج البلاغة على ضوء الخطب والكلام، والرسائل والوصايا والعهود، والأحلاف والدعاء. واختيار نماذج من هذه الخطب والكلام والرسائل الوصايا، والعهود والأحلاف والدعاء وبثها بين دفتي دراسته؛ وبالتالي جاءت الدراسة كمفتاح يستعين به الباحث والدارس للولوج إلى عالم نهج البلاغة، ولفك أسرار ألغاز ذلك العالم الرحب الذي وسع الفكر الإنساني بكل جوانبه كما كان أمير المؤمنين عليه السلام في سعته وأفقه الكبيرين.