-
/ عربي / USD
"هل يمثل الدين حاجةً إنسانيةً راهنةً تستجيب لمتطلبات التغيرات والتطورات التي حدثت وما زالت تحدث؟
هذا التساؤل ينبثق من إشكالية كانت تستفز العق... ل الغربي وتدفعه للبحث عن أجوبة تبدو كأنها خارج نسق مشروع الحداثة الغربي الذي بدأ بالتشديد على مركزية العقل وتشييد كليات عقلانية كالهيغلية والماركسية على سبيل المثال لا الحصر، وانتهى بتشظي هذه المركزيات وهدمها، وهذه الإشكالية تتمثل بعلامات اتصفت بها الثقافة الغربية مطلع القرن العشرين وكانت حاضرةً في مجمل المشهد الفلسفي، وقد شهد مطلع القرن العشرين أحداثًا سياسيةً طرحت تساؤلات جديةً حول العقل وجدوى اعتماده في بناء الحضارة الجديدة، ويعد الربع الأول من القرن العشرين نقطةً مفصليةً من الناحية الفلسفية لأنه مثل انتهاء مرحلة وبداية أخرى؛ انتهاء مرحلة التصورات الحتمية وبناء الفلسفات الكلية شديدة الاتساق العقلي فضلًا عن وصول الوضعية المنطقية إلى ذروتها، وبداية عصر جديد يتمثل ببروز العقلانية النقدية والتصورات الاحتمالية لمظاهر الوجود، وهذا التيار الفلسفي يعد انعكاسًا لما تحقق في مجال العلم، وقد وصاحب ذلك سؤالٌ طرح من جديد عن حدود السياسي بالديني استجابةً للأزمتَين السياسية والاقتصادية والمتغيرات التي حدثت في مجال العلم والفلسفة فكانت أعمال كيركجارد ووليم جيمس وغيرها من الأعمال الفلسفية المهمة التي عملت على إيجاد توازن بين الديني والسياسي، هذا كله كان حاضرًا في الهدف العام لمشروع بول تيليتش، وهو إعادة النظر في اللاهوت التقليدي الذي لم يعد يتجاوب مع هموم الإنسان وحياته وإعادة بنائه من جديد بما يتجاوب مع حاجات وهموم الإنسان المعاصر ويحققها، بطرح رؤية جديدة في فلسفة الدين عن طريق محاولة فهم الظاهرة الدينية. لذا كانت فلسفة الدين عند تيليتش توجه الروح نحو اللا مشروط والتعلق به في إطار المعنى، وهذا اللا مشروط هو الهم الأقصى، والهم الأقصى هو ذاك التوجه الكلي من الفرد أو الجماعة نحو همٍ يُجرب ويعانى على أنه غاية قصوى.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد