-
/ عربي / USD
هل تُقرأ النصوص وتستخلص دلالاتها اعتباطًا وبالمصادفة المحضة، أم أن القراءات جميعها تتكئ على رؤى أعمق؟ هل تتحدّد معالم النظام اللغوي - أيّ نظام كان... - دون فلسفة في التحليل وعقل في التركيب، مهما اختلفت زوايا رصد النظم اللغوية، ومهما اختلف الاجتهاد في وصفها؟ هل تأتي قواعد الدلالة بريئة، دون رؤية وجودية وتفسير فلسفي لعقد الدلالة ومسوّغ صيرورتها؟.
في الجواب نقول مع كثيرين غيرنا: كلا، ومن ثم سنسافر مع قواعد الدلالة وتفسير النصوص إلى أعماق الرؤى، التي تقف خلف هذا التفسير، وإلى المسوّغات التي اتكأ عليها البحث التحليلي اللغوي، وستعيننا هذه الرحلة على التماس المباشر مع تجربة الباحثين، الذين يسافرون بطبيعة الحال سالكين المسير المعاكس لمسير سفرنا، إذ ينطلقون من هذه الرؤى والمسوغات الفلسفية، ليحدّدوا قواعد الدلالة أو يركنوا إلى عدم التحديد في ظلّ فضاءاتهم اللغوية، التي اختاروها أو التي كانت قدرهم.
فهم النصوص لا يتحدّد بمعادلة منطقيّة، ولم يجدول بجدول رياضي، ومن ثمَّ لا يجوز أن نستهلك جهدًا حول نهائية فهم النص والفهم المطلق، فنزيّف مقولةً تتناقض مع ذاتها، إذ النص والدلالة لا تخضع لبرهان بالمعنى المنطقي والرياضي. ونهائية الفهم وخيلاء الفهم المطلق الدائم لدلالات النصوص اللغوية يتطلب أن تخضع النصوص ودلالاتها لبرهان منطقي، يستحيل معه أن تكون الصورة على خلاف مقتضاه، أي أن يتم استنتاج الدلالة وفهم النص من خلال قياس منطقي تصدق نتائجه بالضرورة، وهذا هو معنى النهائية والإطلاق في فهم النص، حيث تأباه اللغة بنصوصها ودلالتها وهو غثيان فاسد.
لكن هذه اللغة ـ التي لا تفهم ولا تُستل دلالاتها في إطار الضرورات المنطقية والفلسفية ـ
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد