-
/ عربي / USD
إن الخطاب الإعلامي قد بلغ شأواً بعيداً، حتى أصبح علماً له مقوماته ومواصفاته، بل هو ثمرة لعلوم إنسانية واجتماعية كثيرة، الأمر الذي يؤكد من جديد لماذا كانت معجزة الرسالة الخاتمة التي تخاطب الإنسانية على الزمن، وتحرك عقلها ووعيها ومشاعرها، وتسهم بنضجها، وتتربع على نهاية التاريخ الإنساني، معجزة إعلامية بيانية بلاغية.. فالخطاب يصنع الإنسان والإنسان يصنع الحضارة. ومن هنا ندرك كيف أن الأمة المسلمة، أمة الفكر، استطاعت الصمود الاستمرار والتأبي على الفناء رغم عوادي الدهر، وهي الأمة الوحيدة التي تشكلت من خلال كتاب وخطاب بنى لها قناعات، ومكنها من الفهم والتفاهم، وانتهى بها إلى الإيمان بقيم ومثل إنسانية، وأن بناء الإنسان من خلال الخطاب والإقناع يعتبر من أرقى أنواع حرية الاختيار وتكريم الإنسان والاعتراف بإنسانيته، فيما كانت الأمم تتشكل من خلال الأسوار الجغرافية أو البيئية أو القبلية أو اللونية أو الجنسية، وندرك أن مجاهدة الأمة المسلمة تاريخياً تمحورت حول الخطاب القرآني، وانطلقت منه، وعادت إليه، ولذلك كانت المهمة الأساس للرسول الخاتم البلاغ، وكان الخطاب القرآني هو ميدان الجهاد الكبير والحقيقي. إن المعركة أو ميدان المجاهدة الثقافية هي من أكبر المعارك التي يتطلب بناء خطابها الكثير من المدارك اللغوية، والعلوم التربوية، والمعارف الاجتماعية والإنسانية، والنفسية، واالعلمية، والسياسية، حتى يؤتى أصحابها الحكمة، وفصل الخطاب.
في هذا الكتاب خواطر، وملحوظات، وأفكار، واجتهادات، كتبت في أوقات مبتاعدة ومناسبات متعددة، إلا أنها ترتبط بوحدة المنهج، وعلاقة النسب والتوحد، وتنضبط بالإطار والمنطلق والمرجعية. وذلك لتكون لبنة في طريق استرداد الفاعلية وامتلاك الحكمة وفصل الخطاب، لتأخذ الأمة دورها في الشهود الحضاري، وتحسن الإفادة من وسائل وفنون الإعلام، في ضوء قيمها في الكتاب والسنة، وبذلك تحمي الإنسانية من الفتن والفساد الكبير.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد