تنوعت في العقود القليلة الماضية اهتمامات علم الاجتماع وامتدات دراساته لتشمل كافة جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وغيرها. فضلاً عن الخوض في مجالات اهتمام لم تكن مطروحة على بساط البحث السوسيولوجي في مرحلة نشأة هذا العلم ومراحل تطوره الأولى كمجال العلاقة بين الأدب والمجتمع أو ما عرف فيما بعد بسوسيولوجيا الأدب أو "علم اجتماع الأدب". والخوض في قضايا شائكة كان يحجم كثير من علماء الاجتماع الأوائل عن دراستها كقضية الفساد السياسي والاقتصادي والإداري لعدم توافر البيانات الأمبريقية حولها هذا من ناحية وارتباطها بجوانب أخلاقية وسياسية من ناحية أخرى. ويضم هذا المؤلف ست دراسات سوسيولوجية تعبر عن التطور في مجال الدراسة والبحث من علم الاجتماع، الأولى عن "الفساد الاقتصادي من المجتمعات النامية" وآثاره السلبية على خطط التنمية في هذه المجتمعات.

ولا شك أن الفساد الاقتصادي له جذوره السياسية في كثير من المجتمعات النامية. ولقد تناولت هذه الدراسة أسباب هذا الفساد وأشكاله المختلفة، وآثاره المتنوعة على البناء الاقتصادي بصفة خاصة والبناء الاجتماعي بصفة عامة، فضلاً على تناول ظاهرة الشركات متعددة الجنسية وعلاقتها بالفساد الاقتصادي في المجتمعات النامية، وعرضت الدراسة أيضاً نماذج من الفساد الاقتصادي في بعض المجتمعات النامية. أما الدراسة الثانية فهي عن "الفساد الاقتصادي وانعكاسه على التنمية في المجتمع المصري في الفترة من (1960-1981)، حيث اعتمد في هذه الدراسة على أسلوب التحليل السوسيوتاريخي مع الإشارة إلى بعض نماذج الفساد في المجتمع الفرعوني القديم، والمجتمع المصري بعد الفتح العربي، والتجربة والاشتراكية، وأخيراً مرحلة الانفتاح الاقتصادي خلال حقبة السبعينيات.

وجاءت الدراسة الثالثة في مجال آخر مختلف وهو مجال علم اجتماع الأدب فهي عن "الأدب والمعرفة السوسيولوجية": تحليل سوسيوتاريخي للرواية المصرية في فترة ما بين الحربين. حيث تناولت هذه الدراسة الواقع الاجتماعي المصري في هذه الفترة، وتطور الفكر الاجتماعي في الرواية العربية بصفة عامة والرواية المصرية بصفة خاصة عند "نجيب محفوظ". أما الدراسة الرابعة فقد تناولت جانباً تطبيقياً في مجال سوسيولوجيا الأدب وهي "تحليل سوسيولوجي لثلاثية نجيب محفوظ، ولقد تناول التحليل الشخصيات الأساسية للثلاثية ودلالاتها الاجتماعية وارتباطها بالزمان والمكان. والدراسة الخامسة عن آفة المجتمعات العربية المعاصرة وهي ؟طاهرة البطالة" حيث تناولت هذه الدراسة أسباب الظاهرة وأشكالها المختلفة مع الإشارة إلى نماذج واقعية للبطالة في بعض المجتمعات العربية كالمجتمع اللبناني والسوري والأردني. أما الدراسة السادسة والأخيرة فهي عبارة عن تصور لاستراتيجية للعمل الاجتماعي في الوطن العربي، ولقد تضمنت هذه الاستراتيجية عدة محاور متنوعة كمحور التعليم، والأسرة والصحة، والقيم، والتنمية المستدامة والشاملة، والبيئة وغيرها من المحاور التي تشكل فيما بينها ما يعرف بالعمل الاجتماعي.