بين طيّات الرواية يقدّم مقاربات كثيرة للعوالم والفضاءات السوريّة الحاليّة، لكنه يغلّف رؤيته الروائية بغلاف من الصمت الداكن، هو أشبه بقشرة رقيقة تجري وراؤها أحداث كثيرة.سكونوفي مقدّمة روايته، اختار مارديني أن يخصّ مدينة دمشق بالقول: «هي أول عاصمة تأخذ من الظلام شعاراً...
بين طيّات الرواية يقدّم مقاربات كثيرة للعوالم والفضاءات السوريّة الحاليّة، لكنه يغلّف رؤيته الروائية بغلاف من الصمت الداكن، هو أشبه بقشرة رقيقة تجري وراؤها أحداث كثيرة.
سكون
وفي مقدّمة روايته، اختار مارديني أن يخصّ مدينة دمشق بالقول: «هي أول عاصمة تأخذ من الظلام شعاراً ترفعه في وجه أهاليها. تعيش في الليل، تحيا من الليل، وليس فقط متسربلة به.. عند ولادة أحدهم، يأتي صامتاً مثلها.. وعند موت أحدهم، لا تودّعه إلا بصمت كموتاها، سكونهم هدأتها، نومهم غفوتها، كأن الصمت هو دواؤها الذي أدمن عليه أهلها».
بصمات
والى جانب «راشد» و«نهى» الشخصيتين الرئيسيتين في الرواية، تبرز شخصيات أخرى ثانويّة، تخلّف وراءها بصمات عميقة في جسد الحدث، وأيضاً في الفضاء العام والخاص لبنية النص. وغالباً ما تسعى هذه الشخصيات إلى التشبّث بأقدارها، وكأنها رسِمت لها، مسبقاً..
ومع ذلك، فإن الكاتب نادراً ما يتدخّل في صوغ مصائر شخصياته، مفضّلاً أن يتركها وحيدة في عراء التجربة، وهي تواجه حصارها أو نجاتها أو هلاكها.. وذلك، في رحلة تأكل الأخضر واليابس، تعيشها شخصيات الرواية وتتصارع فيما بينها ومع الكاتب، لتنهيها «نهى» كما تشاء في محاولة لرسم المصير، فـ«من دمشق وإلى دمشق، من القمع تولد الحياة القادمة».
ذكريات
من دمشق «مدينة المطر والعتم»، تبدأ الحكاية، كما كل حكايات الحبّ، مع «راشد» و«نهى» اللذين يجمعهما تنظيم سرّي والحلم في تغيير العالم، ليفرّق بينهما المعتقل وقبله الخيانة.. بعد ذلك، يخرجان من السجن، وهما مثقلان بذكريات بعيدة عن الزمان والمكان، يستحضرانها في جلساتهما الحميمة، وهما يحاولان استرجاع ما فاتهما.