يندرج كتاب علي زيعور، "العقل والتجربة في الفلسفة العربية" في سياق أبحاث "المدرسة العربية الراهنة في الفلسفة والفكر والمستقبل"، حيث تتشابك الرؤية الفلسفية مع علم النفس داخل مشروع الإنسانيّات العربي، الحاضر منه والمستقبلي، ذلك أنّ الفلسفة بحاجة إلى علم النفس للتعرّف إلى...
يندرج كتاب علي زيعور، "العقل والتجربة في الفلسفة العربية" في سياق أبحاث "المدرسة العربية الراهنة في الفلسفة والفكر والمستقبل"، حيث تتشابك الرؤية الفلسفية مع علم النفس داخل مشروع الإنسانيّات العربي، الحاضر منه والمستقبلي، ذلك أنّ الفلسفة بحاجة إلى علم النفس للتعرّف إلى العقل، فيما العقل يستلزم قراءة الفلسفة كدليل لنشاطه وقدراته ووظائفه. يستخدم زيعور أسلوب "الجلسات" من تلك التي يلجأ إليها المحلّلون النفسانيّون في علاج مرضاهم. يعالج موضوعة "الفلسفي والنفساني في التيّارات والأجهزة الإدراكية المنتجة"، مشيراً إلى العلاقة بين المدرسة العربية في علم النفس والمدرسة العربية في الفلسفة والفكر والإنسانيات، فيقول: "ليس الاهتمام بالفلسفي، بأسئلة الإنسان عن ذاته ووجوده وسؤاله، أو عن عقله ومعناه ومصيره، طارئاً أو مضافاً عند المحلّل النفسي أي في علم النفس: فاهتمام علم النفس بالفلسفة هو اهتمام بالأنا الأعلى من حيث السلطة والقيم أو القوانين والواجبات، وبالتالي من حيث السلطة العائلية والمدرسة والمجتمع والألوهية... كلاهما، الفلسفة وعلم النفس موضوعهما العقل، وهما يشتركان في تحليل اللغة والظواهر الدينية، المعتقدات والخيالات، الحضور والسلوك والحدس واللاوعي، الغرائز والبعد البيولوجي والموروث". أما طرائق الدراسة الميدانية لحقول الفلسفة العملية والنظرية، فتعتمد على جمع الكتب العربية التي تناولت الموضوعات الفلسفية، سواء من حيث المناهج وأسئلة النظر الفلسفي المطروحة على الإنسان والوجود والعقل، وتصنيفها إلى قطاعات، من قبيل قطاع التصوّف والحرمان، وميادين المذهب الإنساني الإسلامي، والترجمة وتاريخ العلم، وتاريخ الفلسفة والفكر في الغرب، وتاريخ التأويل والحكمة في التراث العربي الإسلامي. في جلسة ثانية، يشير زيعور إلى أنّ توزيع مجال الفلسفة، وفق ميادين فرعية مخصصة، أمر في مكانه، لأنَّ هذا التعداد لا يقع في منظور المسّ بوحدة الفلسفة. وإذا كان البحث يذهب بعيداً في النظر في القول الفلسفي العربي الراهن، فإنّما يهدف ليس إلى "التطهّر الحضاري بل من أجل الصحة النفسية الحضارية في الخطاب والمستقبل والمجتمع والتواصل مع العالم، خطاباً طرحيّاً قوامه الحوار مع "الغرب"، ونسغه إرادة التفاهم والتعامل الندّي والأفقي مع الحضارات القوية تجربة وعقلاً. مطلبنا الحضاري هو تعميق تجربتنا في العقل والتكنولوجيا، بل والمدنيات والنحناوية الديموقراطية المنيعة والحرة، وفي الحرية والقانون. بيد أنّه يجب أن نعترف أنّنا لا نزال محكومين بالمسبق والماضوي، بالقسري واللاواعي إن بعامة، أحياناً، وإن في محاكمتنا للمهاجم المستضعف داخلياً أم خارجياً". في هذا المجال، يُشار إلى الدور الذي لعبته المدرسة العربية الراهنة في توسيع أفق الميتافيزيقا التي أسّسها الخطاب العربي اللاتيني، أو الوثني الإسلامي المسيحي، إضافة إلى مساهمات هذه المدرسة في استعادة الفكر الهندوسي والصيني، وربطه بالتراث العربي الإسلامي.