اسم الكتاب مأخوذ من عنوان أحد فصوله، وهو أيضاً فصل من حياة المؤلف، والمقصود به: من باب دار جده توما في الشام إلى دخوله الجامعة الأميركية في بيروت. واللافت أن المؤلف قسم فصول الكتاب – كما سيرته –إلى مراحل ووضع لها عناوين موحية وطريفه مثل " من جنرال إلى آخر" و "من العسكر إلى...
اسم الكتاب مأخوذ من عنوان أحد فصوله، وهو أيضاً فصل من حياة المؤلف، والمقصود به: من باب دار جده توما في الشام إلى دخوله الجامعة الأميركية في بيروت. واللافت أن المؤلف قسم فصول الكتاب – كما سيرته –إلى مراحل ووضع لها عناوين موحية وطريفه مثل " من جنرال إلى آخر" و "من العسكر إلى المرسلين" و "من إزمير إلى الحصان الأبيض" الخ. يبرع توما عريضه في انتقاء العناوين، كما في وصف تفاصيل الأحياء والشوارع والمعالم وملامح الاشخاص، ولذلك يمتلئ الكتاب بالمعلومات المفيدة وخصوصاً الأماكن وتسمياتها وتاريخها. ويضمّن وصفه تعاليق وعبارات بين قوسين تدل على الظرافة وروح النكتة. فبعد أن يصف موقع بيت جده في "حارة الجوانية" وفي "طالع الفضة "من جهة شارع مدحت باشا مثلاً، يقول: "في هذا السرداب دخنت أول سيكارة، وقبّلت أول فتاة". إنه يمزج المعلومة بالتعليق المرح. وبما أن المؤلف متعدد الاختصاصات، حيث درس الاقتصاد في الجامعة الأميركية، والحقوق في الجامعة اليسوعية، ومارس التجارة "مُكرها آخاك لا بطل"، وبنى علاقات شخصية مع زملائه وأساتذته، تكثر المعلومات الثقافية والأدبية والتجارية والسياسية وتتخللها التعاليق والطرائف التي تضفي على الكتاب جواً من المرح. فرغم الفترة القاسية والمظلمة سياسياً واجتماعياً وامنياً التي عاشها الكاتب، كباقي اللبنانين، ُ ُضمّن بعضها في الكتاب، يسود المرح والحب والشفافية جمل الكتاب وفصوله، ولهذا كان العنوان الفرعي "ذكريات في الفرح"، فأحد شعارات الكاتب في حياته وفي كتاباته "وما الحياة الدنيا إلاّ لعب ولهو". ويبدو أن الكاتب لديه مشروع كتاب آخر، يتابع فيه هذه الذكريات حيث يتوقف السرد عند الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982 حين يصف مغادرته بيروت، هو وعائلته، إلى بيت مري برفقة الشيخ ميشال خوري. يقول: "قطعنا المتحف بأقل من خمس دقائق ورأينا جموع الإسرائيليين من بعيد تقتحم بيروت".