"مفاتيح" الكتاب كما يروق للشاعر تسمية "المحتويات" أو العناوين تزيد على المئة بنحو عشرين قصيدة كل منها تحمل صورها وأفكارها. هكذا تتنوع موضوعات جوزف حرب ويصعب حصرها. لكن يجمعها أسلوب الشاعر أو بصمته المتفردة شكلاً ومضموناً.ففي الشكل تراها متناسقة من حيث عدد الأسطر والفارغات...
"مفاتيح" الكتاب كما يروق للشاعر تسمية "المحتويات" أو العناوين تزيد على المئة بنحو عشرين قصيدة كل منها تحمل صورها وأفكارها. هكذا تتنوع موضوعات جوزف حرب ويصعب حصرها. لكن يجمعها أسلوب الشاعر أو بصمته المتفردة شكلاً ومضموناً.
ففي الشكل تراها متناسقة من حيث عدد الأسطر والفارغات وانزياح الكلمات يميناً وشمالاً ووسطاً. ويتناغم ذلك مع تركيب الجملة وانقطاع المعني أو انفصاله في بناء هندسي متكامل.
أما المضمون، فيطرق جوزف حرب الموضوع الواحد مراراً. نقرأ مثلاً عن الشجرة أكثر من مرة. وإذ يتكرر العنوان نفسه تتعدد الموضوعات. ذلك أن الشاعر ينظر إلى الشجرة مرة بعين الفلاح ومرة بعين الحطاب وثالثة بعين المتنزه ورابعة بعين العصفور أو الصياد وحتى بعين الخالق!
وكذلك بالنسبة إلى الله. مرة يراه بعقل الفيلسوف وثانية بقلب المؤمن وثالثة بنظر المتشكك. لهذا بحسبه القارئ مرة كافراً إلى أقصى درجات الإلحاد ومرة مؤمناً حدّ اليقين. وكذلك المرأة مرة يراها أمّاً رؤوماً وتارة ينظر إليها بعين الرجل الباحث عن اللذة وثانية بعين الباحث عن الجمال وثالثة يسمو بها إلى مصاف الروح. وحين يجتمع كل ذلك تصح فيه مقولة أحد دارسيه بأنه "صوفين الجنس وجنّس التصوّف".
واللافت في شعر جوزف حرب أنه يحرّض القارئ على التفكير بأسلوبه المشوّق. فتراه دائماً يبحث عن شيء غامض في جملته. مرة يكون مبتدأ مؤخراً وأخرى فعلاً ضيّع فاعله أو جواباً عن سؤال خفيّ. ومرة يطالعه حال بلا صاحبه.. لكن سرعان ما يجد القارئ ضالته حين ينتهي من قراءة الجملة فيفرح به كمن وجد شيئاً كان قد ضيعه.
من قصائده القصار التي تجمع جمال الصورة إلى عمق المعنى واتساعه إلى اللامحدود قصيدة بعنوان "أمام المرايا" تقول:
لماذا
إذا ما وقفتُ أمامَ المرايا
رأيتُ
الخطايا.
وحتّى أبرّىءَ نفسيَ منها
ظننتُ بأنيْ رأيتُ سِوايا.