لعل حياة حافلة بالمعارك كحياة الشاعر صاحب هذا الديوان، تغري العارف بها بانتظار أن يرسم له بكر في شعره لوحات معاركه، وتوشية تفاصيلها بما يجعلها لوحات فريدة في تأريخ الشعر العربي تتحدث عن هذه المعارك من داخلها، وترصد أحاسيس أبطالها، وحركاتهم، وقد استحال خوض المعارك عند الشاعر إلى فخر، وهذا طبيعي منتظر ممن هو مثله نسباً وشجاعة ومنزلة. وكان يحفز نفسه إلى الفخر بكل هذا عنده ثقافته الشعرية التي اقتصرت على الشعر الجاهلي دون أن تمس شيئاً من رؤية المولدين بطبيعة الشعر. ومن هنا فإن أسلوبه كان أقرب إلى الجاهليين منه إلى معاصريه، وكانت لغته الشعرية نفسها أقرب إلى لغتهم.
ولبكر، الشاعر، نظرات في الحياة يراها القارئ مبثوثة في قصائده. تميّز شعره بالصدق حتى أنه رقي إلى درجة رفيعة بموقفه والشعر موقف، وبصدقه مع نفسه، ولعلّ بسبب من هذا يبقى هذا الشعر قريباً إلى النفس حميماً كما لو أنه حديث صديق صدوق يبوح لك بأسراره حاكي فرحه وحزنه. وقد جاء ديوان الشاعر بكر في هذا الكتاب محققاً، حيث استهلّ المحقق الديوان بثلاثة مباحث تحدث من خلالها عن حياة الشاعر وشعره وديوانه. متبعاً ذلك بالقصائد الواردة في ذلك الديوان.