لم تنجب الحضارة العربية في العصور الخوالي من يفوق أبا العلاء المعري "363- 449هـ" في أصالة الرأي، ونفاذ البصيرة، وصدق النظرة، وروعة الخيال، وإحكام القول، وسلامة التعبير، والإحاطة بالعربية وعلومها، ولم يشغل النقادَ والباحثين أديبٌ عالمٌ وفيلسوف مفكر كما شغلهم رهين المحبسين،...
لم تنجب الحضارة العربية في العصور الخوالي من يفوق أبا العلاء المعري "363- 449هـ" في أصالة الرأي، ونفاذ البصيرة، وصدق النظرة، وروعة الخيال، وإحكام القول، وسلامة التعبير، والإحاطة بالعربية وعلومها، ولم يشغل النقادَ والباحثين أديبٌ عالمٌ وفيلسوف مفكر كما شغلهم رهين المحبسين، فقد رأبت مصادر دراسته على "350" مصدراً، ونيفت مؤلفاته المعروفة على السبعين. وقد كتب في أخبار المعري وآثاره كثير من الكُتاب على توالي العصور، واختلف في أمره الباحثون والناقدون، على أنه لم يظهر إلى يوم الناس هذا كتاب جامع لذلك كله يتسم بالنصفة، ويتصف بالإستقصاء، ويزن ما قال المعري وما قيل فيه بالقسطاس المستقيم مثل هذا الكتاب الذي ألفه الأستاذ سليم الجندي، فقد قضى في تصنيفه سنين طوالاً، وتوفي بعد أن فرغ أو كاد من تبيضه، ولم يقيض له الأجل أن يدفعه إلى الطبع.
لذلك، عمد الأستاذ عبد الهادي هاشم إلى تحقيق هذا الكتاب، وضبط شواهده، والتعليق عليه، وذلك خدمةً للباحثين والدارسين.