شغلني موضوع التحول ببعدَيْه، التفسيري والتأثيري، تفسير كيف يتحوَل فردٌ أو جماعةً إلى مذهب فكريّ مضادٍّ لمذهبه السابق، وكيف ينقلب مفكّر على قناعاته... السابقة ويكون من أكبر الناقدين لها، وماهي مسافات التحوّل وأنواعه: حيث لاحظنا أنّ التحوّلات ليست كلها واحدة، بل أنّ هناك...
شغلني موضوع التحول ببعدَيْه، التفسيري والتأثيري، تفسير كيف يتحوَل فردٌ أو جماعةً إلى مذهب فكريّ مضادٍّ لمذهبه السابق، وكيف ينقلب مفكّر على قناعاته... السابقة ويكون من أكبر الناقدين لها، وماهي مسافات التحوّل وأنواعه: حيث لاحظنا أنّ التحوّلات ليست كلها واحدة، بل أنّ هناك التحوّل الكلي كما أنّ هناك التحوّل الجزئي، وبينما تتضح بعض التحوّلات يظلّ بعضها الآخر تحوّلاً مشبهاً يصعب الحسم به، كما تختلف درجتها وإتجاهها، فقد يأتي التحوّل على المستوى الفلسفي والمثالي، بينما يأتي تحوّل آخر فكرياً ملتجماً بالواقع وساعياً إلى تغييره، كما تختلف أولويّات خطاب التحوّل - ربّما حسب دوافعه ومرجعياته - عن خطابٍ تحوّل آخر.
وقد لاحظنا أنّ ظاهرة التحوّلات قد نشطت بشكل كبير في النصف الثاني من القرن العشرين، على مستوى العالم العربي والإسلامي، على كلّ المستويات وخاصة تحوّلات العديد من المفكرين والكتاب ذوي التوجّهات العلمانيّة نحو التوجّه الإسلامي، وتبنّيهم التصوّر الإسلامي الشامل للوجود والحياة والإجتماع، وهو ما تزايد خاصة، بعد هزيمة الخامس من يونيو سنة 1967م وفشل الأيديولوجيا القوميّة العربية وأنظمتها الثوريّة الحاكمة والغالبة - حينئذ - في الوفاء بوعودها على مختلف الصعد، سواء منها ما يتعلّق بالصراع العربي الإسرائيلي، أو تحقيق الوحدة، وكذلك فشل التجارب الوحدويّة التي أقامتها أو سعت إلى إقامتها، وهو ما ترافق مع ما يُعرف بالصحوة الإسلاميّة في السبعينات من القرن العشرين، حيث تبلورت الفكرة الإسلامية وعادت لها الغلبة على مستوى النخب والقوى والحركات الإجتماعيّة في الآن نفسه.