لم تحظَ قضية في العقود القليلة الماضية بمثل الإهتمام الذي حظيت به قضية المرأة. فقد عَقَدت من أجلها الأمم المتحدة مؤتمرات دولية عدة. وأنجزت لها إتف... اقية القضاء على كل أشكال التمييز ضدها، ودعت جميع الدول إلى التوقيع عليها والإلتزام بها. وسبق ذلك منذ السبعينيات في أوروبا...
لم تحظَ قضية في العقود القليلة الماضية بمثل الإهتمام الذي حظيت به قضية المرأة. فقد عَقَدت من أجلها الأمم المتحدة مؤتمرات دولية عدة. وأنجزت لها إتف... اقية القضاء على كل أشكال التمييز ضدها، ودعت جميع الدول إلى التوقيع عليها والإلتزام بها. وسبق ذلك منذ السبعينيات في أوروبا "حركة نسوية" رفعت شعاراً لها "تحرير المرأة" ومساواتها مع الرجل ومشاركته المواقعَ كلَّها التي كان يمثلها عبر القرون.
ومن الملاحظ أن هذا الإهتمام بتغيير أوضاع المرأة، لم يعد شأناً غربياً، بل انتقلت "عدواه" إلى بلاد المسلمين، بما في ذلك فكرة "النسوية" نفسها التي "تسللت" أيضاً إلى بعض النخب والجمعيات النسائية الإسلامية التي رفعت الشعارات نفسها، والمساواة عينها، ولكن من خلال "الأصول الإسلامية" التي تبرر بالنسبة إليها ما تدعو إليه وما تريد تغييره.
ثمة من ينسب إلى الغرب التجربة المتقدمة في حقوق المرأة التي حصلت عليها تباعاً في المواقع والقوانين. لكن ثمة في المقابل من يقول بأن المرأة التي حصلت ظاهراً على حقوقها فقدت صلتها الإنسانية بذاتها ومن حولها، وتحولت إلى فرد إلى جانب أفراد آخرين يفرقهم القانون ولا تجمعهم المودة أو الأسرة؛ وأن ما يثبت ذلك هي "الأزمة الإنسانية" التي يعشها الغرب رجالاً ونساءً، على رغم الحقوق الواسعة التي حظي بها الطرفان.
هل يمكن في إطار الحق عن حقوق المرأة أن نهمل المجتمع الذي تعيش فيه وثقافته التي ينتمي إليها؟ وهل يمكن أن ننقل تجربة أو نظريات الحقوق والواجبات من مجتمع إلى آخر؛ وهل حُسم النقاش حول الفروقات البيولوجية بين الرجل والمرأة وما تفرضه عليهما من خيارات مختلفة ومسؤوليات متباينة في المجتمع؟
ما يجري في عالم اليوم تجاه قضية المرأة يبدو وكأنه يريد أن يقدم أو يفرض نموذجاً مهيمناً لما ينبغي أن تكون عليه حقوق المرأة، هو النموذج الغربي. في حين يرفض آخرون هذا النموذج قائلين بأن الإسلام هو الذي قدم للمرأة حقوقها كافة... ما يفتح نوافذ النقاش والمقارنات على المستويات كلها، بين ما توصل إليه الغرب، وما طرحه الإسلام بشأن المرأة...
إنّ قضية المرأة قضية شائكة، ولم تعد ميزة الشرق وحده؛ بل هي قضية في الغرب أيضاً، وما كُتب عن المرأة، والمقاربات المنهجية المتعددة لدراستها في مختلف العلوم الإنسانية، لم يقسم النقاش حول الكثير من "ثوابت" هذه القضية... كما إن التطور المشارع في وسائل الإتصال وفي معرفة ما يجري في العالم، ضاعف الحاجة إلى مزيد من النقاش حول القضية المهمة…