فردوس ترتدي فستاناً حريريّاً يسيلُ على جسدِها، يتناغمُ ومُنحنياتِه. ترمقني بِتفحُّصٍ غير أليف وأنا أُنظِّمُ (باهتمامٍ غير عاديٍّ وسعادةٍ خفيّة) حقيبةَ السفر لِمغادرة المنزل في فجر الغد.تقول بِصوتٍ كريستاليٍّ رقيق لا يعرف الصراخ:ـ صرتَ غريب السلوك هذه الأيام! لم تعد تبدو...
فردوس ترتدي فستاناً حريريّاً يسيلُ على جسدِها، يتناغمُ ومُنحنياتِه. ترمقني بِتفحُّصٍ غير أليف وأنا أُنظِّمُ (باهتمامٍ غير عاديٍّ وسعادةٍ خفيّة) حقيبةَ السفر لِمغادرة المنزل في فجر الغد.
تقول بِصوتٍ كريستاليٍّ رقيق لا يعرف الصراخ:
ـ صرتَ غريب السلوك هذه الأيام! لم تعد تبدو عليك الحسرة عندما تغادر المنزل مثلما كنتَ من قبل!
تُوجِّهُ لي أسئلةً دقيقة حول تفاصيل برنامج الشهر الذي سأغيب فيه، هدف هذه «المهمّة العلميّة»، مواعيد العمل واللقاءات، زملاء العمل لاسيّما إناثهم، ميولهم، آرائي حولهم . لم يراودها الشكُّ من سلوكي قبل ذلك من قريبٍ أو بعيد. تعرفُ جيّداً أنه إذا كانت لي في الحياة ميزةٌ حقيقيّةٌ واحدة فهي كوني صادقٌ بلُّوريٌّ في كلِّ شيء، لاسيما في التفاني في عشقها والإعجاب بها والإخلاص لها. مثلما أعرفُ جيّداً أنه إذا كان لها عيبٌ واحدٌ فقط فهو أنها تمثالٌ لا يتزحزح: من يعشقُ فردوس يصعبُ أن تَخترِقَهُ فتاةٌ أخرى، لأنها نادرةٌ مذهلةٌ نموذجيّةٌ في كلِّ شيء .
كلانا مخطئٌ حقّاً في قناعاته: هاأنذا أكذب اليوم لأني سأستقبل غداً من اخترَقَتْ فردوس لِتَسكُنَ حناياي، حنايا! . ستصلُ حناياي بعد يومين، من سَكَنِها في لندن، لقضاء شهرٍ في فرع مختبرها العلمي في ضواحي باريس. شهرٌ جديدٌ رتَّبنا كلّ تفاصيله ولقاءاته الحميمية اليومية الطويلة، منذ أسابيع، كعادتنا، بعشقٍ وِدقَّةٍ وسريَّة. نظَّمتُ مواعيدي لأكون، في نفس الشهر، في رحلةِ عمل في مختبرِ أبحاثٍ في علوم الكمبيوتر (متخصِّصٍ بِ«العوالم الافتراضية الموسَّعة»)، يقع قريباً من مختبرها!