يضم هذا الكتاب مجموعة من الدراسات التي تهدف إلى التعرف إلى المدينة الإسلامية باعتبارها فضاءً فقهياً استمر قائماً حتى مشارف العصر الحديث.وقد أناط القاضي في المدينة والذي يعرف أيضاً باسم الحاكم الشرعي مسؤولية الرقابة في الأسواق إلى المحتسب تبعاً لمبدأ: الأمر بالمعروف...
يضم هذا الكتاب مجموعة من الدراسات التي تهدف إلى التعرف إلى المدينة الإسلامية باعتبارها فضاءً فقهياً استمر قائماً حتى مشارف العصر الحديث. وقد أناط القاضي في المدينة والذي يعرف أيضاً باسم الحاكم الشرعي مسؤولية الرقابة في الأسواق إلى المحتسب تبعاً لمبدأ: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إلا أن إحدى المشكلات التي لم تعالج كفاية تتعلق بعلاقة المدينة بالدولة، وبمعنى أدق تقاسم سلطة الرقابة في المدينة، بين حكم الفقهاء ونفوذ الدولة أو السياسة حسب ابن خلدون والمقريزي، وتسجل المؤلفات الفقهية التي اختصت بالسياسة الشرعية هذا الازدواج أو التناقض بين حكم الشرع وسلطة السياسة. من جهة أخرى فإذا كانت الدولة تسير وفق قوانينها، فإن محاولات إخضاع السلطة والإمارة (السلطة والأمير) لمبدأ النهي عن المنكر، أي للمحاسبة، لم تصل إلى أي نتيجة، فاكتفى الفقهاء بنصح السلطان والأمير ووعظه، معترفين بأن الدولة تسير وفق قوانينها، مكتفين بإخضاع المدينة لحكم الشرع. وما أراده هذا الكتاب هو إظهار البنى المعيارية والقيمية التي يقوم عليها نصاب الاحتساب والآليات التي حكمت عمله، دون أن تطرق إلى مسألة تحتاج إلى مزيد من البحث تتعلق بعمل المحتسب، وما إذا كان الاحتساب قد أخفق في أن يكون مؤسسة مكتملة الملامح والمسؤوليات. ولقد استندت هذه الدراسات إلى مراجع فقهية، وبشكل خاص النصوص المتعلقة بالاحتساب. إن هذا الكتاب هو محاولة لإعادة النظر في مسائل السلطة والمجتمع في المدينة الإسلامية، التي ما زالت ظلالها تتردد في حاضرنا