قبلَ ستينَ سنةً، ونيِّفٍ من السنوات، وفي مرحلةِ دراستهِ المتوسّطة استهواهُ الشعرُ الشعبيُّ قبلَ أنْ يستهويَهُ أيُّ لونٍ أدبيٍّ آخر، وكان ذلك بسببِ... مجموعةٍ شعريّةٍ اشتراها بـ ثلاثينَ فلساً من شارعِ الورَّاقين (السراي) المتفرّع من شارعِ المتنبِّي ضمن ما اشتراه من دفاترَ...
قبلَ ستينَ سنةً، ونيِّفٍ من السنوات، وفي مرحلةِ دراستهِ المتوسّطة استهواهُ الشعرُ الشعبيُّ قبلَ أنْ يستهويَهُ أيُّ لونٍ أدبيٍّ آخر، وكان ذلك بسببِ... مجموعةٍ شعريّةٍ اشتراها بـ ثلاثينَ فلساً من شارعِ الورَّاقين (السراي) المتفرّع من شارعِ المتنبِّي ضمن ما اشتراه من دفاترَ مدرسيّةٍ لتلك السنة. وكانت تلك المجموعة لشاعرٍ شعبيّ لا يتذكّرُ الآنَ اسمَهُ، ولا حتّى عنوان المجموعة، فقد أكلَ السكّريُّ جُلَّ ذاكرتهِ، وأجهزت بقيَّةُ أسقامِهُ على ما تبقّى لديهِ منها.
لكنَّ تلكَ المجموعةَ هي التي غرستْ فيه تلك المحبّةَ، وأيقظتِ استعدادَهُ الفطريَّ، وجعلتهُ يتذوَّق الصورَ الشعبيّة، ويقرزمُ الشعرَ في مرحلةِ دراستهِ الثانويّةِ .
وحينَ أنهى الثانويّةَ انطلقَ يكتبُ الشعر الشعبيَّ، ويدوّنهُ في دفترٍ مدرسيٍّ دون أن يُعلنَ عن موهبتهِ تلك، وفي معهدِ إعداد المعلمينَ ببغداد توسَّعَ في دائرةِ اكتسابهِ لفلسفةِ الموسيقى حتى حقبةِ دراستهِ الجامعيّة التي توقَّفَ فيها عن نظمِ الشعبي لصالحِ القريضِ، ويبدو أنَّ ذلكَ التوقّفَ كان بسببِ ميلِ أعماقِهِ إلى دراسةِ إيقاعِ الشعر العربيّ التي أثمرتْ عن كتابٍ يعتزُّ بهِ ويفخرُ هو (( موسيقى الشعرِ العربيّ قديمهِ وحديثهِ.. دراسةٌ وتطبيقٌ في شعرِ الشطرينِ والشعر الحرِّ)) الذي أعيدت طباعتُهُ مرَّاتٍ بعدَ أنْ أضحى واحداً من الكتبِ المنهجيَّة منذُ نهايةِ الثمانينيَّاتِ حتى كتابةِ هذه السطور، فرغبَ في إكمالِ مشروعهِ الثقافيِّ في دراسةِ الإيقاعِ الشعبيِّ كي يشاركَ في
تيسيرِ دراسته تطبيقيّاً، لتمكينِ القرّاءِ الجادّين من الاطِّلاعِ على بنيتهِ الموسيقيّة، فكان هذا الكتابِ .