شارك هذا الكتاب
مشهد عابر
الكاتب: فواز حداد
(0.00)
الوصف
"كان يصغي إليها، وكانت تقول؛ الزمن يكسر حدة الألم، ويسبغ على الذكريات المرّة غلالة أشبه بأسى منعش، ويمنحها طلاوة نتمنى أن نستعيدها على الرغم مما عانيناه من شقاء. قال، أغلب ما نعانيه من آلام، غير حقيقي، الإنسان بحاجة إلى الشقاء، إن لم يجد كفايته منه فسوف يختلقه. قالت، الدموع...
"كان يصغي إليها، وكانت تقول؛ الزمن يكسر حدة الألم، ويسبغ على الذكريات المرّة غلالة أشبه بأسى منعش، ويمنحها طلاوة نتمنى أن نستعيدها على الرغم مما عانيناه من شقاء. قال، أغلب ما نعانيه من آلام، غير حقيقي، الإنسان بحاجة إلى الشقاء، إن لم يجد كفايته منه فسوف يختلقه. قالت، الدموع التي نسكبها، دموع نظيفة من الكدر، الزمن يصطفي من الذكريات أحلاها ويصقّيها من شوائبها، مخاوفنا القديمة تتلاشى أو تأخذ أحجامها، وتتواضع أحزاننا، ولا تعود كما ظننا نهاية الحياة والعالم. لم يفكر في كلماتها، كان صوتها المتآلف مع الليل والهواء عميقاً وساحراً. وإذا كان أمر قد خالجه، فهو تعجبه من تبادله الحديث مع امرأة لا يعرفها ولا تعرفه، حديثاً حميماً في ساعة متأخرة من المساء في أزقة خالية تمرح فيه الظلال وتتطاول ممتدة على الأرصفة والجدران، لتغيب في الدخلات الضيقة. سمعها تقول، الحياة محاولة دائبة في التذكر، والنسيان هروب يفلح مع الماضي. كانت قد عاجلته بفكرة مناقضة!! قال، نحن نسعى إلى النسيان أكثر مما نسعى إلى التذكر. فسألته؛ هل تشكو من الذكريات؟ قال عندما أتذكر شيئاً، أتذكر ما يجب عليّ فعله في الغد. قالت: لا ترمِ بالماضي خلف ظهرك قبل أن تتصالح معه. لم تخفِ خبرتها الشخصية، كانت واثقة مما تقوله، بدت وكأنها صفّت حساباتها مع ماضيها بحزم وصلابة. تابعت قائلة؛ لا تحاول التصرف بما مضى منفرداً، لا تنسى أن الآخرين يشاركونك إياه. نبهته إلى أنه كفّ النظر عن الماضي من زمن بعيد، طواه وأرسل به إلى حيث لا يمكن أن يقع عليه بصره، وأخفى معه الكثير من الأمور المعلقة. النسيان هو الدواء الوحيد للاستمرار، لكنه لا ينفع مع الحياة. أسدت إليه السيدة بنصيحة ثمينة. التفت إليها، بدت في تلك اللحظة متفوقة عليه، وأيضاً قاسية وهازئة، وكأنها تحذره من شيء سوف يحدث قريباً... عند مدخل بناء معتم توقفا... مدت يدها مبتسمة وصافحته مودعة. سألها؛ ألا أراك ثانية؟ قالت، لا. تعجب من لهجتها القاطعة، وكانت بالفعل قد أثارت شكه، وكأنها مهمتها تحذيره. استدركت قائلة، ربما... يوماً ما. وغابت في مدخل البناء الملفوف بالظلام". مرت في حياته كمشهد عابر وغامت بعد أن فتحت بكلماتها الستار عن مسرحية حياته بفوصلها ومشاهدها التي نكأت جراحاً ليس إلى اندمالها من سبيل. يحاول الروائي من خلال أحمد ربيع شخصيته المحورية المسرحي العتيق والناقد، المضي في أعماق نفس هذا الإنسان الفنان وترجمة ما في دواخله من إحباطات، من انتكاسات أدت في كليتها إلى تشكيل شخص سلبي عاجز حتى عن أن يكون هو نفسه الإنسان صاحب الطموحات، وصاحب الإبداعات في المجال المسرحي. ذكريات تتوالى مشاهدها حية، لتعيده ذاك الإنسان المنسحب من الحياة، والغارق في اليأس إلى القاع.
التفاصيل

 

الترقيم الدولي: 9953212465
سنة النشر: 2007
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 396
عدد الأجزاء: 1

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين