الأعمال التي تحدثت عن السنن انصرفت في الغالب إلى بيان مدى تقصير المسلمين في كشف هذه السنن ودراستها بدون التفصيل في طبيعتها وخصائصها وعلاقتها بالجه... د البشري، حتى يمكن الوصول إلى تسخيرها. أثبتت وقائع التاريخ أن أية أمة من الأمم لا بد أن تنطلق في دربها الحضاري من مجموعة من...
الأعمال التي تحدثت عن السنن انصرفت في الغالب إلى بيان مدى تقصير المسلمين في كشف هذه السنن ودراستها بدون التفصيل في طبيعتها وخصائصها وعلاقتها بالجه... د البشري، حتى يمكن الوصول إلى تسخيرها.
أثبتت وقائع التاريخ أن أية أمة من الأمم لا بد أن تنطلق في دربها الحضاري من مجموعة من الأفكار، وأن سلوك الأفراد ما هو إلا الترجمة العملية لهذه الأفكار.
إن معرفتنا بالسنن تجعلنا أقدر على تسخير الكون بما فيه من حولنا، والاستفادة من ذلك في تصريف شؤون حياتنا، فضلاً عن تحديد مسار سلوكنا وفق ضوابط تحدد المعالم والأهداف والسبل الموصلة إليها.
موضوع السنن لم يلق حتى الآن الاهتمام الذي يستحقه من المفكرين المسلمين المعاصرين ولاقد أدى إغفال دور السنن إلى جعل التكوين الفكري لكثير من الجماعات الإسلامية أقرب إلى المثالية منه إلى الواقعية، مما أفقدها إمكانية الخروج من الأزمات المتلاحقة.
معظم المناهج الفكرية الشائعة في المجال الإسلامي عمدت إلى تفسير القضايا وتناولها بعقلية ذرائعية تميل إلى منطق التبرير والاستسهال، لتنفي عن نفسها المسؤولية عن الأخطاء وتلقي بالتبعة على القدر.
لا بد من الاعتراف أننا اليوم نعيش في غفلة عن سنن الله في الخلق على الرغم من تلاوتنا بقوله تعالى: "قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين" فلا نحن نسير في الأرض ونعتبر بمن سبقونا، ولا نحن نتعامل مع سنن الله في الوجود تعاملاً واقعياً يراعي تلك السنن.
إن تغير ما بأنفسنا لا يتم إلا بأن نواجه مشكلتنا مواجهة صادقة، لا مواربة فيها، ولا أعذار، لنعرف مواطن الإنحراف فنقومها، ونكشف مواضع الخلل فنصلحها ونحدد نقاط الضعف فنقويها.