تتعرّض اللغة العربية، دورياً، لهجمات منظمة تهدف إلى إعلان وفاتها وحصر إرثها بعاميات ومحكيات يحلو للبعض أن يطرحها لغة للحياة والمستقبل. علماً بأن العامية يمكن أن تكون وعاء آخر للإبداع. يعني أنها وعاء رديف ممكن. أما أن تُطرح على أنها بديل كامل، فهذا ما يؤدي إلى بلبلة لا طائل...
تتعرّض اللغة العربية، دورياً، لهجمات منظمة تهدف إلى إعلان وفاتها وحصر إرثها بعاميات ومحكيات يحلو للبعض أن يطرحها لغة للحياة والمستقبل. علماً بأن العامية يمكن أن تكون وعاء آخر للإبداع. يعني أنها وعاء رديف ممكن. أما أن تُطرح على أنها بديل كامل، فهذا ما يؤدي إلى بلبلة لا طائل تحتها. والمشكلة أن الفصحى تُضرَبُ دائماً من بيت أبيها. فغالبية الذين ارتدّوا عليها وصوّبوا إلى صدرها رماياتهم إنما اشتهروا بفضلها وتعلموا في ميادينها فنون الرماية! في هذا الكتاب يرصد جورج طراد واحد من أبرز المحاولات الموصوفة لقل الفصحى على يد "العربية الحديثة" التي رفع لواءها يوسف الخال، أبو مجلة "شعر". وبصرف النظر عن قيمة الخال الشعرية وعن دوره في الحداثة، فإن ما تركز عليه الدراسة هو مشروعه اللغوي البديل الذي جسَّده في عدة مؤلفات ولا سيما في "الولادة التانية". ومن خلال الجداول الإحصائية ومئات الأمثلة وعجزها عن أن تكون اللسان البديل، ويستنتج، عبر منهجية علمية دقيقة، أن العربية الفصحى تطورت فعلاً، وباتت قريبة من الناس ومن حياتهم اليومية من غير أن يسجنها أحد خلف أسوار بابل التي تحتشد حولها حراب العاميات والمحكيات بين الحين والآخر.