يأتي هذا الكتاب النادر، بوصفه من نفائس التراث العربي في الفكر الاجتماعي، ليبحث في تاريخ الأفكار وتأثير ثقافة النخب واهتماماتهم على سلوك الناس العا... ديين في حياتهم اليومية، كما يؤصّل لأفكار الإنسان العادي وممارساته وهواياته ومتابعته التقاليد والاهتمامات، وكذلك لأسباب انتشار أفكار «علية القوم»، ومنها اهتمامهم بما يُمكن إدراجه ضمن «الموضة» في المجتمع التقليدي، ويعرّفنا إلى مصادر نشأتها وتغييرها في المجتمع. ويعكس تاريخ تأليف هذا الكتاب الذي يعود إلى القرن الثالث الهجري قوةَ التفكير الاجتماعي، إذ تتبّع مؤلّفه اليعقوبي ظاهرةَ انتشار القيم والعادات والتقاليد والاهتمامات، أو ما يشيع بين الناس عمومًا، وتوصّل إلى تسلسل أسبابها، وهرمية انتشارها، فهي، وفق ملاحظاته، تبدأ من الخليفة، ثم يقلّده كبار رجال دولته، مثل ولاته ووزرائه وعماله، ثم يقلّدهم من هم أدنى منزلة، حتى تصير عادةً منتشرة في المجتمع؛ فالخلفاء كانوا رمزًا اجتماعيًا ومصدرًا أساسيًا لتوجيه أفكار الناس واهتماماتهم.