يتعرض الكتاب إلى سلسلة تحولات باهرة، جعلت "محمد بن يوسف" يصبح هو محمد الخامس، والسلطان يتحوّل إلى ملك، وذلك عبر مرحلة مثيرة من المشور (اسم البلاط المغربي)، إلى كورسيكا، فمدغشقر، ومن هناك إلى القمر.
أراد الفرنسيون بــ20 أغسطس/ آب 1953 إنهاء مرحلة، فإذا بالعملية تصبح تدشيناً لمرحلة جديدة، هي بداية النهاية لنظام الحماية؛ لم يحدث ذلك عفوياً، بل كان ذلك فصلاً في مسلسل، بدأ في 1930.
يتوقف المؤلف بالكاميرا البطيئة عند مواقف ومشاهد ومسارات، طبعت تاريخ المغرب، وما زالت ذيول تلك الأحداث المثيرة تتفاعل، ومن جرّاء ذلك ما زالت أحداث تلك الفترة تغري بالرجوع إليها، لمساءلتها، وللوقوف عند مقولات مغلوطة، ما تزال تتردد، كالقول بوجود "إتفاقيات إيكس ليبان" وهو شيء لم يوجد.
وفيما بين نفي السلطان والعودة إلى العرش، نبتت في المشهد كائنات، وتحرّكت وقائع وأشياء، يتناولها المؤلف، مستعملاً كمَّا كبيراً من المعلومات، بفضل ما تمّ نشره من وثائق وكتب وشهادات، تزوّدنا بمعطيات دالة، تساعد على الشرح، وأحياناً على التصحيح، وفي كثير من الحالات يترك المؤلف تلك المعطيات تتحدث من تلقاء نفسها، فيتمكن القارئ من أن يفهم وأن بضع الأمور في نصابها.
في 2009 حلّت مائوية ميلاد محمد الخامس، وبعده حلّت في 2010 مائوية ميلاد علاّل الفاسي وعبد الخالق الطريس ومحمد بن الحسن الوزاني، وهي مناسبة جديرة بالإغتنام لتكريم جيل كامل برز لتحقيق مشروع نهضوي، جيل ورث مغرباً محتلاً، فتعبأ لإقامة دولة عصرية، على أنقاض المغرب المتأخر والممزق الذي سقط في 1912، وهذا ما صنعه محمد والذين معه.