في سنِّ الثالثة والأربعين يفردُ (فارهو) دفاتره السوداء في السجن، أمامَ صحفي أمريكي يرغب في تحويل حياته الغريبة إلى فيلم وثائقي. غريبة؟ نعم فالصبي الصومالي الذي فرَّ مع أمّه وأخته من اضطرابات الحرب الأهلية وأزمة المجاعات في مدينته بوصاصو، بمساعدة خالهم الأثيوبي المقيم في...
في سنِّ الثالثة والأربعين يفردُ (فارهو) دفاتره السوداء في السجن، أمامَ صحفي أمريكي يرغب في تحويل حياته الغريبة إلى فيلم وثائقي. غريبة؟ نعم فالصبي الصومالي الذي فرَّ مع أمّه وأخته من اضطرابات الحرب الأهلية وأزمة المجاعات في مدينته بوصاصو، بمساعدة خالهم الأثيوبي المقيم في إحدى دول الخليج؛ هو نفسه الصبي الذي يقع ضحية عصابة إفريقية تتاجر بالأعضاء البشرية بزعامة خاله. (فارح) هو ما أصبح عليه الصبي الذي سيعيشُ حياة اللجوء في بلدٍ غير بلده، مصيرٌ مشترك مع الكثير من الوافدين العرب وغير العرب في دول الخليج، حيثُ أسئلة الاندماج ومصاعب العمل وتحصيل قوت العيش، في ظلِّ غلائه، وبوسائل غير مشروعة غالباً.
روايةٌ هي الأولى للكاتبة ليلى عبد الله، لكنَّها تكشف عن مهاراتٍ سردية تتجاوز عتبة البدايات بالمضي في صبر أسرار النفس البشرية، وتتبِّعِ مصائر الهاربين من الحرب الأهلية والمجاعة، المطاردين من جحيمِ الرَّصاص والقتل العشوائي، إلى جحيمٍ من نوع آخر يكون فيه الإنسان متَّهماً وضحية في آن.
نحن هنا أمام روايةٍ جريئة عن أطفال الحروب والمنافي، عن تشرُّدهم في أوطان غريبة وعن غربتهم في أوطانهم، تستعرضها الكاتبة من خلال حياة فارهو البطل المرتقب لفيلم وثائقي.