-
/ عربي / USD
«لقد ظلت المنافي الكثيرة التي تنقّل الشاعر فيما بينها، تحفر عميقاً في وجدانه وتتجلى في شعره المكتوب كله تقريباً في المنفى، فكان صداها الروحي والوجودي يتراجع بقوة، على مستوى العلاقة مع المكان، كما تجلى عبر علاقة التقابل أو الثنائية الضدية بين الهنا والهناك، المنفى الغريب، والوطن المسروق، تعبيراً عن الانقطاع في هذه التجربة زمانياً ومكانياً، روحياً ووجودياً. لذلك ظلّ المنفى عالم الضياع واللامعنى والغياب، على خلاف ما تحمله دمشق من دلالات عميقة، تتجاوز فيها بُعدها الجغرافي، وتنفتح على معناها الرمزي الذاتي والموضوعي كأرض للطفولة والتاريخ والحضارة.
في ضوء هذا الاستقطاب في علاقة التقابل، نشأ البًعد الدرامي المتوتر، ونهضت الدلالات الشعرية الكبرى للتجربة، لقد عمل الشاعر على استحضار المخزون الدلالي للمكان الأول، في الوقت الذي ظلّ فيه المنفى صورة للوجود الضائع والبحث عن الذات والهوية في عالم غريب. لقد ظل وجود الشاعر الممزق بين فضائين متكاملين ومتعارضين للذات الشعرية، يخوض في مغامرات كيانية، ستفضي به مراراً في شعره إلى التعبير عن اليُتم الفادح في فضاء كوني يؤسس له المنفى المفتوح على الاحتمالات الإنسانية كلها، وعلى عناصر شعرية وغير شعرية، متضادة ومتجددة باستمرار».
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد