في مجموعته الجديدة يستدعي ياسر الزيات "الكائنات" ليحاورها، يُسائلها، ويرجُّها لدرجة الخوف، متقمِّصا أدوارها حيناُ، ناصباً لها الفخاخ والمكائد اللغوية حينا آخر، حتى تصبح كائناته هو، لا يمكنها مغادرة عالمه الخاص، شعراً وحياة وتفاصيل مهملة، إلا لتستقر في كتاب. وحين نشرع في...
في مجموعته الجديدة يستدعي ياسر الزيات "الكائنات" ليحاورها، يُسائلها، ويرجُّها لدرجة الخوف، متقمِّصا أدوارها حيناُ، ناصباً لها الفخاخ والمكائد اللغوية حينا آخر، حتى تصبح كائناته هو، لا يمكنها مغادرة عالمه الخاص، شعراً وحياة وتفاصيل مهملة، إلا لتستقر في كتاب. وحين نشرع في اكتشافها نعرف أنها، أي الكائنات، مثلنا تخاف من المجهول، من الاحتمالات التي لا نهاية لها، من لعب أدوار على خشبة الحياة المعتمة، والاهتزاز مع خيط الضوء القادم من الفراغ، من اللامكان.
يُحذِّر ياسر الزيات "الشعر"، وهو يتحدث إليه ككائن، من الكلمات، التي في نهاية المطاف "تصرخ، وتهزّ كل شيء". قبل أن يمضي صاحب "أحسد الموتى" مع الشعر، يتبادلان الأدوار في لعبةِ مرايا، تتشابك فيها الظلال، وتطارد فيها الأشباح الهاربة بعضها البعض، ليقتفي أثرها من له أيضا مجموعة "دمي ملوث بالحب" وكأنه "يلهو بالموت كطفل، وبالحبّ كمراهق، وبالحُرّيّة كعجوز ضلّ طريقه إلى الحياة."
ونقرأ لياسر الزيات في كتابه الجديد هذا:
ستُمطر بعد قليل، فلتختبئ الكلمات والمجازات والاستعارات. لا أحد يريد أن يُبلّل اللغة، ولكنْ، لا أحد يفكّر كم هي عطشى، وكم تحنّ إلى رقصة جديدة تحت غيمة. ليس مهماً، ليس مهماً أبداً أن تسعد اللغة، فالمهمّ ألا تفسد، ألا تنمو عليها الطحالب، ألا تأكلها الطيور الجارحة. وعندما ترونها تتحوّل إلى جدار أو شجرة أو جثّة أو حبّ قديم، فاعلموا أن اللغة خائفة، أنها خائفة وحزينة، وأن هذا ما يجعل الكلمات يتيمة وضائعة.