-
/ عربي / USD
قصيدة ملحمية لاهثة ذات نشيج، يستعيد فيها الشاعر، عبر خيال شعري جنّحه ثراء إرث ميثولوجي متوسطي، ومن خلال تجربة قوارب الموت الخلاصية العمياء المبحرة إلى جزيرة ليسبوس، مفهوم ابن عربي في التشريق والتغريب، الذي يعزز فيه علاقة الذات مع الآخر، نازعاً سلطة المكان على حركة الإنسان، ومقوضاً إرتباط الفكر بالجغرافيا.
ولكن هذه الإستعادة ليست مرآوية، ليست إستعادة إعادة إنتاج، لأن خيار السوري الهارب من عسف الطاغوت، خيار خلاصي لا يحركه حب المعرفة، بل تدفعه الضرورة المعصوبة العينين والمنلفتة من كل عقال.
إنها مرثية التغريبة السورية الكبرى بإمتياز؛ وهي قصيدة تطرح إشكالية تعريف ما سبق أن دعوته في مكان آخر في قراءتي لشعر نوري الجرّاح بــ "الحداثة الثالثة"، أي الحداثة المتحررة ليس من أنظمة الكلام أو العروض أو الإيقاع أو التفعيلة فحسب، بل المتحررة، قبل ذلك كلّه، من أيديولوجيا قصيدة النثر التي ما زال النقد العربي الحديث، أو بعضه، على الأقل، يلوك بشأنها قواعد زئبقية مستمدة من كتاب هنا وآخر من هناك، فيصنع بذلك أصولية نقدية جامعة مانعة وموازية للأصوليات الدينية، بسرابها ويقينها، وبمغالاتها وغلوائها.
لسوف يحتفي ذواقة الشعر بهذه القصيدة الكبيرة المعبرة بصدق، وباداءٍ شعري بارعٍ ومبتكرٍ عن السوريين في مصائرهم التراجيدية، وهي، من دون شك، ستشكل إضافة ذات شأن إلى المنجز الشعري العربي الحديث.
خلدون الشمعة
لَمْ أكنْ في دمشق
لَمْ أكنْ في شارع
ولا في متجرٍ
لَمْ أكنْ في محطةٍ
ولا في شرفةٍ تطلُّ على قطارٍ
لَمْ أكنْ مسرعاً
ولا مبطئاً
أَبْعَدَ من يَدي، كُنْتُ، ومِنْ عيني الغريقةِ في الزمن
راقداً على قلقٍ في ترابِ الموعد،
ويدي تنزفُ.
***
لمْ أَكُنْ في دمشق
لَمْ أَكُنْ في دمشق.
***
والآن،
من آخرِ الأَرض
أَسْمَعُ الساقيةَ تنتحبُ في البستان
والهواءَ يَصِفُ للجبل.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد