-
/ عربي / USD
يعد هذا الكتاب من أهم ما صنف أبو منصور الماتريدي لأنه يمثل قمة ما وصل إليه علمه الذي نذر فكره وحياته له لبيان صحة مذهب أهل السنة والجماعة والدفاع عنه تجاه تيارات المذاهب المخالفة الراغبة في زعزعة صرح العقيدة الإسلامية.
ومن خلال مطالعة سريعة لمقدمة هذا الكتاب يستطيع القارئ أن يستخلص منهج أبي منصور في تصنيفه هذا الكتاب فهو بعد أن يذكر اسم السورة يقول: "قوله تعالى: (...) قيل فيه" أو "يحتمل وجهين أو ثلاثة وجوه..." ويعرض كل وجه، ويناقشه، ويورد أقوال المفسرين من الصحابة والتابعين والمؤولين أهل الثقة، ثم يرجح الوجه الذي يذهب إليه مؤيداً إياه بذكر آية كريمة أو حديث شريف أو خبر صحيح ليثبت صحة ما أراد أن يقرره ومصدراً إياه بقوله: "والأصل عندنا...) أو بقوله (وعندنا...).
وإذا كان هناك أحد قد فسر ألآية الكريمة بوجه مخالف لرأي أهل السنة فإنه يذكر اسمه صراحة كأبي بكر الأصم أو جعفر بن حرب، أو يسمي الفرقة التي تقول بذلك الوجه كالمعتزلة والكرامية والباطنية والخوارج و...، ويعرض الرأي المخالف، ثم يرد عليه بالأدلة النقلية والعقلية التي يلتزم بها لإيضاح عقيدة أهل السنة الصحيحة متوخياً جادة الصواب والحكمة.
والحكمة هي صفة العالم الحق الذي يقف أمام ميزان الصواب، لا يحيد عنه قيد أنملة، ويعطي كل ذي حق حقه، ولا يعبأ بغير الحق ويقر لخصمه بصواب رأيه، إن صح لديه، أياً كان خصمه.
فليس عجيباً إذن أن ينقل أبو منصور قول بعض العلماء مؤيداً أيهم. وليس غريباً أيضاً أن يبرز أبو منصور غلط المعتزلة بهذا الأسلوب التهكمي في قوله: (إبليس أعلم بالله من المعتزلة حين رأوا أن الله لا يغوي أحداً، ولا يختص أحداً إلا بصنع منه)، وذلك في تأويل قوله تعالى : "قال رب بما أغويني".
وإذا كانت الآية الكريمة في بيان مسألة فقهية كان أبو منصور يفسرها معتمداً على رأي إمامه الفقيه الأكبر أبي حنيفة النعمان بن ثابت، ويرد به على الفقهاء الآخرين.
وكان أبو منصور يلجأ لتأكيد أفكاره إلى أسلوب الإثبات مرة وإلى الأسلوب الإثبات مرة وإلى أسلوب النفي مرة أخرى ليقربها إلى ذهن القارئ، فيتفهمها تفهماً جيداً.
وكثيراً ما كان يعود إلى تفسير الآية مكرراً ما أتى به ومضيفاً إليه ما فتح الله عليه من أفكار جديدة تزيد ما بينه وضوحاً وتثبيتاً. وكان يتجاوز أحياناً ذكر آية كريمة أو بعض آية لأنها لم تكن محط اختلاف آراء المؤولين. وكان يشير إلى وجوه قراءة بعض الآيات القرآنية الكريمة حتى وجوه القراءات الشاذة ليؤيد بذلك صحة تأويل أهل السنة. وكان من منهج أبي منصور في هذا التفسير أن يعني بالمواضيع التي لا يؤمن فيها من الوقوع إلى الزيغ.
ونستطيع أن نقول في نهاية حديثنا عن أبي منصور: إن الألقاب التي أطلقها عليه أصحابه وتلامذته ومترجموه: إمام الهدى وإمام المتكلمين ومصحح عقائد المسلمين ورئيس أهل السنة والجماعة ومهدي هذه الأمة وناصر السنة وقامع البدعة ومحيي الشريعة وموطد عقائد أهل السنة، أفضل إجازة لهذا العالم الإمام الجليل.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد