إن اللّامَرئي، الذي هو هنا موضوع بحث «الكتاب»، لا يتعلّق بمجال الأشياء التي يتعذّر رؤيتها لاستحالة وجودها مادّيّاً (نظير وجه غارق في العتمة)، بل يتعلّق بالأشياء التي نعتقد رؤيتها بينما هي غير مُدرَكة تماماً، لأنها غير موجودة و/ أو غير حاضرة (نظير وجه غائب في غرفة مضاءة). هذا...
إن اللّامَرئي، الذي هو هنا موضوع بحث «الكتاب»، لا يتعلّق بمجال الأشياء التي يتعذّر رؤيتها لاستحالة وجودها مادّيّاً (نظير وجه غارق في العتمة)، بل يتعلّق بالأشياء التي نعتقد رؤيتها بينما هي غير مُدرَكة تماماً، لأنها غير موجودة و/ أو غير حاضرة (نظير وجه غائب في غرفة مضاءة). هذا النوع من «وجود» أشياء لا وجود لها، أو مَرئية ما ليس مَرئياً، إذا تصوّرناه بمعزل عن كل حالة هلوسة، نحسبه بالطبع تناقضاً قائماً بين حدَّيْن...
في هذا الكتاب يحاول «روسي» تعريف اللامرئي، من حيث أنه إدراك ما لا يدرك ورؤية ما لا يرى. يريد بذلك الاعتقاد بوجود أشياء لا وجود لها، وليس مجرد الانخداع بأشياء تماثلت للحواس. بل تصورات اختلقها الذهن ليكون لها وجود في الواقع رغم انعدام وجودها. وهذه خاصية الفكر الإنساني المتشبث بوجود بقية في الأشياء رغم زوالها. ويستعرض المؤلف في الفصول الخمسة للكتاب أهم مظاهر اللامرئي التي تستبطن الفكر الإنساني. ليبدأ مع اللامرئي كما نراه، لينتقل إلى البورتريه السحري، وثم الحديث عن «الرغبة في الافصاح عن ما ينطق به»، وبعدها يقف مع الأشباح والأطياف، ليختم متحدثاً عن شعرية اللامرئي.