التعامل بالدرهم والدينار، وتبادل العقود من ضرورات الحياة البشريّة، ومن تلك العقود ما يتعسّر خلوّها من التأجيل أو ثبوت حقّ الغير منها في الذمة دَينًا، وتتنوّع أسباب تلك الديون، من البيع والشراء، وأثمان المبيعات، والقرض، والمهر، وبدل الخلع، والكفالة، والدية وغيرها…الخ.

الدَّيْن لا يكاد موسرٌ يخلو منه بله المعسرُ، ليلوح جليًّا افتقارُ العامة والخاصة إلى الإلمام بالمسائل والأحكام المتعلّقة بالدَّيْن والدائِن والمديان، وتناولها بالإيضاح والتفصيل والبيان، بعرض أقوال العلماء فيها وأدلتهم ثم ترجيح ما استحق الرجحان.

ولا ريب أن تلكم المسائل منثورة في بطون المصنفات، لا يجمعها باب واحد ولا فصل بل هي متفرقات، والوقوف على قدرٍ كبير منها يستدعي طول الباعِ، أو التوسع في الاطلاعِ، وقد تحُول دون ذلك كثرة الشواغل ووفرة الصوارف، فكانت الحاجة داعية إلى حفظ شواردها، وجمع متفرّقها، في سلك منتظم، وترتيب ملتئم، لينال المتأخر القائم بذلك شرفَ تقريب جهد المتقدّم، إلى القارئ والمتعلِّم. ويضاف لهذا أن الباحث لم يقف على بحث (بعدد مسائل هذا البحث وبطريقة دراسته لها) يُغني عنه، فقد بلغت عدد مسائله المستقلّة مائة مسألة بدراسة فقهية مقارنة، إضافة إلى المسائل الفرعية، والنماذج التصويرية، والنكت والإضافات، والزوائد والتتمات، مما قد يصعب عدّها ويعسر حصرها، والله الموفِّق..