في الطريق إلى المنزل، اعترضني غراب. وقف في الهواء يصفّق بجناحَيْه أمام وجهي. سألتُه عمّا يريد، فقال بأنّ هنالك بشارة في انتظاري. بشارة من غراب؟! يا ويلي! على كل حال شكرتُه، ومضيتُ.كنتُ أحثّ الخطى، كي أصل، وعلامات الاستفهام تتناسل في رأسي. ما الذي ينتظرني في المنزل؟ لقد فقدتُ...
في الطريق إلى المنزل، اعترضني غراب. وقف في الهواء يصفّق بجناحَيْه أمام وجهي. سألتُه عمّا يريد، فقال بأنّ هنالك بشارة في انتظاري. بشارة من غراب؟! يا ويلي! على كل حال شكرتُه، ومضيتُ.
كنتُ أحثّ الخطى، كي أصل، وعلامات الاستفهام تتناسل في رأسي. ما الذي ينتظرني في المنزل؟ لقد فقدتُ منذ عامَين عملي كمُحرّر ثقافي في الصحيفة، لسبب تافه، وما تزال المصائب تتناسل. قالتْ مديرة التحرير يومذاك بأنّها تشعر بالاختناق وقلّة الأوكسجين في الهواء، بسبب أنفي الكبير، فأقالتْني من وظيفتي بعد أن عجزتْ عن إقناعي بإجراء عملية تصغير له.
في الواقع، لم أكن مرتاحاً لحجم أنفي، لكنّني أخاف من صالة العمليات. رأيتُها مرّة واحدة في حياتي، وما تزال رائحتها عالقة بأنفي مثل قرادة في خاصرة ثور. كنتُ حينذاك في الرابعة من عمري، وكان لقلبي الصغير نافذة يطلّ بها الأُذينان على بعضهما، فأغلقها طبيب جرّاح، يُدعى شوقي العصبي. لا أدري إن كان هذا اسمه الحقيقي أم كناية عن عصبيّته المفرطة مع المرضى. المهمّ أنّي ما أزال أتذكّر حاجبَيْه الكثيفَيْن وهو يراقب إغفاءتي، كي يضع المشرط في صدري.