-
/ عربي / USD
إن مما لا شك فيه أن التاريخ تأسس كعلمٍ له منهجيته وطرائقه عند المسلمين على يد العلامة ابن خلدون، فابن خلدون لم يسر على نهج من سبقه من مؤرخي الإسلام الذين يعتمدون على سرد الوقائع والأحداث التاريخية، دون تحليلٍ أو تمحيصٍ أو تدقيقٍ، ولكن ابن خلدون كان ناقدًا للأحداث متحرياً للتحليل، عاملاً للفكر فاتحاً لباب النقد على مصراعيه، كل ذلك ظهر جلياً في مقدمته الشهيرة التي قدم فيها لكتابه (العبر وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر)، يقول ابن خلدون في مقدمته: “التاريخ …في ظاهره …. إخبار عن الأيام والدول، والسَّوابق من القرون الأُول …. وفي باطنه نظرٌ وتحقيقٌ، وتعليلٌ للكائنات ومباديها دقيقٌ، وعلمٌ بكيفيات الوقائع وأسبابها عميقٌ، فهو لذلك أصيلٌ في علوم الحكمة عريقٌ، وجديرٌ بأن يعد في علومها وخليقٌ” هكذا يعود الفضل لمقدمة ابن خلدون في جعل التاريخ علماً، بل وتأسيس علم فلسفة التاريخ الذي ينسب الأوربيين تأسيسه لعلمائهم، كما أن ابن خلدون عُدَ من خلالها رائداً لعلم الاجتماع ومؤسساً له، وهذا ما يؤكد عليه المستشرق فإنسان مونيتل الذي اعتنق الإسلام بعد طول دراسةٍ ومحبةٍ فقد ترجم “مقدمة ابن خلدون” وقال عنه ما يلي: “لقد سبق ابن خلدون فلاسفة التاريخ الأوروبي وبخاصة العالم المسيحي الشهير “بوسويه” بثلاثة قرون إلى فهم التاريخ وتفسير مغزاه ودلالته، ولكن ابن خلدون سبق أيضاً أوغست كونت إلى تأسيس علم الاجتماع بخمسة قرونٍ، لقد طبق ابن خلدون، وللمرة الأولى، منهجية جديدة على دراسة المجتمع الإنساني والحضارة البشرية، وكفاه ذلك فخراً”.
يُعد كتاب ابن خلدون درةً من درر التراث الإسلامي كما يعد هذا الكتاب مرجعاً هاماً للباحثين في التاريخ وعلم الاجتماع..
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد