هناك مُدُن لا تعرف مقاهي الرصيف. لندن واحدة منها. ولكنْ، ليس الآن. كان هذا صحيحاً قبل نحو عقدَيْن، عندما لم يكن المهاجرون يُشكّلون ظاهرة طاغية في عاصمة بلاط السانت جيمس .. أو «مدينة الضباب»، كما يحلو للتنميطات الجاهزة أن تصفَها. ألـ PUB هو مقهى البريطانيين وحانتهم ومطرح...
هناك مُدُن لا تعرف مقاهي الرصيف. لندن واحدة منها. ولكنْ، ليس الآن. كان هذا صحيحاً قبل نحو عقدَيْن، عندما لم يكن المهاجرون يُشكّلون ظاهرة طاغية في عاصمة بلاط السانت جيمس .. أو «مدينة الضباب»، كما يحلو للتنميطات الجاهزة أن تصفَها. ألـ PUB هو مقهى البريطانيين وحانتهم ومطرح اللقاءات الاجتماعية وتزجية الوقت، وليس المقهى. وهذا مرفق داخلي بامتياز، قاتم، تفوح منه رائحة البيرة، إضافة إلى تلبّده بدخان السجائر والسيجار، عندما كان التدخين مسموحاً به في الأماكن العامة. هذا الانكفاء إلى الداخل والقتامة يناسبان، على ما لاحظتُ، المزاج الإنكليزي العامّ الذي سرعان ما يتخفَّفُ، بجرعات الكحول المتسارعة، من ثقله وقتامته، فيتحوَّل إلى الودّ أو .. العنف. لكن لندن صارت، اليوم، مدينة مقاهي رصيف. مدينة تستهلك من القهوة ربّما بقدر ما كانت تستهلك من الشاي، مشروبها الذي لم يكنْ هناك منافس له حتّى وقت قريب. لقد غيّر المهاجرون، إلى حدّ كبير، أساليب عيش هذه المدينة ومزاجها، ولكنْ، مع ذلك، فعندما نتحدَّث عن الأمكنة التي يتردَّد إليها المثقّفون البريطانيون، ولهم فيها تاريخ وحكايات، فنحن نتحدَّث، غالباً، عن ألـ Pubs وليس المقاهي.