يتضمن هذا الكتاب دراستين مترابطتين ترابطاً عضوياً وهما: نشأة النظرية الذرية الحديثة وتطورها والجدول الدوري للعناصر. وتبين الدراسة الأولى سلسلة الل... حظات الحاسمة في تاريخ تطور التصور الذري للمادة من وجهة نظر الكيميائي بصورة خاصة. وتنبع أهمية هذا العرض البنيوي التاريخي من...
يتضمن هذا الكتاب دراستين مترابطتين ترابطاً عضوياً وهما: نشأة النظرية الذرية الحديثة وتطورها والجدول الدوري للعناصر. وتبين الدراسة الأولى سلسلة الل... حظات الحاسمة في تاريخ تطور التصور الذري للمادة من وجهة نظر الكيميائي بصورة خاصة. وتنبع أهمية هذا العرض البنيوي التاريخي من كون المفاهيم العلمية تركيبات ذهنية تاريخية تنشأ تحت ظروف معينة وتدخل في سلسلة من التحولات وفق مقتضيات تطور المعرفة العلمية. فهي ليست أزلية الطابع ولا هي بالأطر الجامدة التي تعكس واقعاً جامداً أيضاً. ومن هنا جاءت أهمية دراسة نشأتها وتطورها. فلا يمكن استيعاب ظلالها وجوانبها المتعددة إلا عن طريق دارسة تناقضاتها وتحولاتها. ويهدف المؤلف من وراء هذا العرض إلى بيان المنطق الجوهري للفكرة الذرية بحيث يتخذه القارئ منطلقاً لاستيعاب التفصيلات وربط الجزئيات.
أما الدراسة الثانية فتُعنى بصورة مفصلة بموضوع يجد الكثير من الطلاب صعوبة بالغة في استيعابه. وربما كان أحد أسباب هذه الصعوبة هو طرح الجدول الدوري دون بيان الخطوات التاريخية الرئيسة التي قادت إليه. لذا فقد فُصّل في هذه الدراسة منطق تطور فكرة دورية العناصر، ثم سخّر المفاهيم الذرية الحديثة التي قدمت في الدراسة السابقة لإبراز المغزى المجهري للخاصية الدورية والتفسير الكمّي لترتيب العناصر. بذلك فإن هذه الدراسة لهي بمثابة حقل تطبيق لما توصل إليه في الدراسة الأولى من تصورات مجردة. ولما كانت غاية هذا الكتاب تعيمق هيكل مفهومي معين (الهيكل الذري) في ذهن القارئ فقد حرص على ألا تطغى التفصيلات على منطق الموضوع، وعلى إبراز الجدول الدوري بوصفه تلخيصاً وتجسيداً للهيكل المفهومي لعلم الكيمياء والذي تترابط من خلاله سائر خيوط هذا العلم.