-
/ عربي / USD
كانت القصيدة قبل مرحلة التجديد على يد الرواد قصيدةَ إجابةٍ، فأصبحت قصيدةَ تساؤل وحيرة. يبدأ الشاعر الجديد بيتها الأول، ولكنه يجهل كيف ستتحرك أبياتها التالية، وبأي اتجاه. ما يعرفه أنه، هو الشاعر، ينطوي على لغم من التساؤلات، كم ظلّ جائعاً لها على امتداد قرون. تجد هذه الفضيلة لدى السياب، نازك، بلند الحيدري، البريكان، حسين مردان. إلى أن جاء عبد الوهاب البياتي، الذي «زلزل الأرض تحت أقدامهم»، على حدّ تعبيره. جاء بالراية «الأممية»، التي لم تكن تشغل أحداً. هذا البعد «الأممي» يتوافق بالتأكيد مع طغيان قبضة اليسار السياسي على خناق الثقافة في العراق، والثقافة العربية، وربما على الثقافة في الكثير من بقاع الأرض.
في منتصف الستينيات، وبعد نكسة حزيران مباشرة، بدأ هذا البعد «الأممي» يخفت ويتلاشى، وتصاعد مدُّ الشاغل العربي، فوجدنا «بعداً قومياً» بدل «البعد الأممي». ومع هذا الشاغل برز سعدي يوسف مؤثراً بموهبة تامة النضج. ولعله بدأ شاغله هذا في مطلع الخمسينيات، وبعد البياتي بقليل.
استلم سعدي رايةَ «الأممية» الحمراء من البياتي، ليبدلها في قبضته بالراية «القومية» الخضراء. في هذه المرحلة كان شعر الرواد قد وُضع جانباً في الظلّ، الذي يُشبه العتمة، من قبل الجيل الستيني ذي النزعة العقائدية في الأغلب.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد