-
/ عربي / USD
إن أية مقارنة بين نصوص الشعر العالمي في مراحله المبكرة (من شعر يوناني وروماني، وهندي، وصيني) والشعر العربي الجاهلي، وأية مقارنة بين الشعر العالمي في مرحلة ازدهار الحضارة الإسلامية (شيرازي، ورومي وعمر الخيام) والشعر العربي المجايل سيكشف عن الفارق بين المسعى العالمي إلى القصيدة المفكرة ومسعى القصيدة العربية إلى المهارة، والنزعة البلاغية والعناية بالشكل. وسيكشف عن استحالة تأثرها بإضاءة الطرف العالمي، حتى لو اطلعت عليه.
في «ملحمة جلجامش»، للشاعر السومري، نقع على أول قصيدة مفكرة، تمنح زبدة أفكارها الكلية إلى قارئها عبر المخيلة، العاطفة والموسيقى. لا تقول ما تريد عبر الفكرة المجردة، لأن عنايتها بالانسان ومصيره لا تسمح لها بذلك.
كان «لوكريتيوس»، الذي ولد قبل قرن من ميلاد المسيح، أبيقورياً. وكتب قصيدته الطويلة «في طبيعة الأشياء» (7400 بيت من الشعر) من وحي الفلسفة الأبيقورية: كان يرى الأشياء في الكون ذراتٍ لا حصر لها، تتحركُ عشوائياً عبر الفضاء. تصطدم ببعض، تترابط معاً، تشكل هياكل معقدة، ثم تنفرط، في عملية لا تنتهي من الخلق والتدمير. عبر خوض الطبيعة في تجاربها يولد الانسان ويموت، شأن الأشياء: «عندما تنفصل الكتلة الهامدة عن العقل،/ وتتحرر من مشاعر الحزن والألم،/ لن نشعر بالموت، لأننا لن نكون.»
مع لوكريتيوس «في طبيعة الأشياء»، دانتي «الكوميديا الإلهية»، وﮔوته «فاوست»، ومع شعر أبي العلاء، عمر الخيام، جلال الدين الرومي، ريلكة، ييتسن ريتسوس، أليوت وميووش، يقطع هذا الكتاب شوطاً بالغ العمق مع القصيدة المفكرة، والقلب المفكر. ويبني قاعدة إسمنتية لفهم هذا المدى الذي أغناه أهم شعراء العالم الكبار.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد