يعد أبو الفتح الشهرستاني من أبرز مصنفي المقالات ومؤرخي الأديان والفرق في عصره، كما يعد كتابه “المِلل والنِحل” من أوسع كتب المقالات والآراء وأشملها وعلاوة على ذلك يعد هذا الكتاب أهم وأشهر مؤلفات الشهرستاني، موضوع هذا الكتاب دراسة الأديان والمذاهب والفرق، ويعد هذا الكتاب فريداً في بابه، بل هو عمدة في هذا الموضوع، فهو دائرة معارف مختصرة للأديان والمذاهب والفرق، بل للآراء والفلسفة.

تبوأ الكتاب مرتبةً عظيمةً، ومنزلةً رفيعةً، وقد سد ثغرة مهمة في بابه، وأصبح مرجعاً متميزاً لكثير من الباحثين والمؤلفين عبر العصور الماضية والحاضرة، فالكتاب يعد موسوعة جامعة موجزة، اعتنى الشهرستاني فيه بحسن الترتيب، وجودة التنظيم، وعرض المعلومات.

وقد صنف فيه جميع أرباب الديانات من الملل غير الإسلامية كعباد الشمس والكواكب واليهودية والنصرانية وحكماء الهند وعبدة الأصنام وغيرها كثير، وآراء الفرق الإسلامية ومذاهبها كالمعتزلة والجهمية والقدرية وغيرها من الفرق الإسلامية، وقد أظهر المصنف فيه المخالف للدين الحق، وأوضح عظمة الدين الإسلامي الحنيف، عبرة لمن استبصر، واستبصارًا لمن اعتبر.

وقد قدم المصنف لذلك بخمس مقدمات:

– المقدمة الأولى في بيان أقسام أهل العالم جملة مرسلة،

– والمقدمة الثانية في تعيين قانون يبنى عليه تعديد الفرق الإسلامية،

– والمقدمة الثالثة في بيان أول شبهة وقعت في الخليقة ومن مصدرها ومن مظهرها؟

– والمقدمة الرابعة في بيان أول شبهة وقعت في الملَّة الإسلامية وكيفية تشعبها ومن مصدرها ومن مظهرها؟

– والمقدمة الخامسة في بيان السبب الذي أوجب ترتيب هذا الكتاب على طريق الحساب.

ومما يدل على شهرة هذا الكتاب طبعه عشرات المرات، وبلغات عديدة، فقد طبع بالعربية، والإنكليزية، والألمانية، والتركية، والفارسية، حتى أن الباحث الإنكليزي ألفرد جيوم قال عنه: “لا يمكن الاستغناء عنه في أي زمان”..