-
/ عربي / USD
الغربة.. انعطاف جميل نحو حياة جديدة تتمثل فيها كل معاني النضوج.. إنني على أبواب العشرين من عمري وعلى وشك الدخول في الجامعة.. فقد حزت على درجة عالية تؤهلني للالتحاق بأي مجال أو تخصص، ولكن وزارة التربية اختارتني ضمن بعثة دراسية إلى الولايات المتحدة الأميركية، شعرت في قرارة نفسي بفرح عارم لأنني أروم خوض تجربة مثيرة تكسر هذا الروتين الذي درجت عليه سنين حياتي الماضية، ولعلي لم أجد أية معارضة من قبل والدي بل نالت هذه الفكرة استحساناً وقبولاً منهما، اللهم إلا والدتي التي همت تعارضني بعض الشيء خشية الفراق، وراحت تختلق شتى الأعاذير والسبل لأقصائي عن هذا الأمر ولكنني تناسيت في هذه اللحظة مشاعري وعاطفتي والتصاقي بأمي، وإنني لأعزو هذا التحول إلى إصراري على خوض تجربة جديدة في حياتي فقضيت أياماً قليلة أعد أوراقي ولوازم سفري.. دونما أي بادرة تعدلني عن سفري. لم يعد أمامي سوى يومين فقط أستطيع بهما التفرغ كلية لأسرتي بعدما شغلتني ظروف البعثة برهة من الزمن وقد اغتنمت في هذا اليوم فرصة اجتماعية جميع أفراد الأسرة لأقضي معهم بعضاً من الوقت، فما أن اتخذت لي مقعداً للجلوس بينهم في تلك الليلة حتى بادرت أمي تقول: إنك سببت لي ضيقاً وكدراً يا أمل.. أتعتقدين أن سفرك هذا سهل علي أن أتجرع مرارته؟! ولكني عدت أقول لها بكل هدوء. إنني أيضاً أعاني هذه المعاناة يا أمي، ولكن أنا لست أول وآخر فتاة تفارق أهلها ولكن لا تبالي فسأراسلك مرتين كل أسبوع كي أطمئنك على نفسي وأحاول الاتصال بك هاتفياً بين يوم وآخر.. فاستطرد والدي قائلاً: لا تكترثي يا أمل.. إنك حتماً ستواجهين بعض المتاعب في البداية نظراً لاختلاف الأجواء والنفوس، ولكن ستنسجمين بعد ذلك، وتشعرين عندئذ بالارتياح.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد