-
/ عربي / USD
أربعة وستون عاماً، تلك هي المساحة الزمنية التي منحها الله لأحمد شوقي على سطح هذه الأرض (1868-1932)، ولكنه في هذه المساحة المحدودة ذاع شعره في الدنيا، وشغل الناس، وملأ جميع الأسماع، وأشجى كثيراً من القلوب.و كما شغل الناس في حياة صاحبه شغلهم بعد وفاته، ولا يزال حتى الآن يشغل الرواد، وسيظل مدخلاً يتوصل به إلى خصائص الشعر العربي في عتقه وأصالته، ومَعْلماً بارزاً يدل على مستوى وأبلغه الشعر العربي في عصر النهضة. فقد منحه الله موهبة شعرية فذّة، وبديهة مطواعة سيّالة، فلم يكن يجلس إلى مكتبه للتفكير وكدّ الذهن كي ينشئ قصيدة، وإنما كانت تنثال عليه الخواطر انثيالاً، وكأنها تفيض من كل صوب... يغمغم بالشعر ماشياً أو جالساً بين أصحابه، حاضراً بينهم بشخصه، غائباً عنهم بروحه وفكره، لا يعرف جليسه أنه ينظم إلا إذا سمع منه بادئ ذي بدء غمغمة تشبه النغم الصادر من غور بعيد، ثم رأى ناظريه وقد برقا، تواترت فيهما حركات المحجرين، ثم بَصُرَ به وقد رفع جبينه، وأمرّها عليه إمراراً خفيفاً، هنيهة بعد هنيهة، كما يقول الشاعر خليل مطران، وتلك سمة الشعراء الملهمين.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد