-
/ عربي / USD
أعمل فيدل كاسترو طاقاته الذهنية الهائلة وخبرته الثورية في الفترة الأخيرة لتحليل ظاهرة العولمة النيولبرالية. فمن خلال اختراقه حجاب الدعاية التابعة للإمبريالية، عرّى فيدل كاسترو، في سلسلة خطابات عامة مهمة، الأعمال الداخلية للنظام الحالي والاقتصادي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. وبما أن كوبا كانت هدفاً خاصاً للعدوان الإمبريالي في التسعينات، يستطيع كاسترو أن يستند إلى خبرته الفريدة في قيادة بلد اشتراكي صغير يتحدى القدرة الإمبريالية، مصمماً على الدفاع عن النظام الاشتراكي الذي قام بفضل مساعي الشعب الكوبي.
وفي هذا الكتاب خطابان هامان ألقاهما الرئيس الكوبي كاسترو في العام 1999. كان الأول "الخطاب الرئيسي" الذي ألقي في شباط/فبراير، في جامعة فنزويلا في كاراكاس. وهو من بين أكثر الخطابات رسوخاً في الذاكرة لخطيب منوّه ألقى عدداً من الخطابات الرائعة. فخلال أربع ساعات ونصف الساعة، شرح كاسترو معنى العولمة النيولبرالية، فسحر جمهوراً شاباً في معظمه. ثم لخص الفكرة الرئيسية في الخطاب بالقول: "لقد عبرت عن أفكاري الأساسية. إنها باختصار ما اعتقده في ما يتعلق بالعولمة النيولبرالية وكيف أن النظام الاقتصادي المفروض على البشرية غير قابل إطلاقاً للاستمرار من الناحيتين الاجتماعية والبيئية. وقد جرى التركيز بشكل خاص على أهمية أفكار المنظرين النيولبراليين وإرباكهم وريبتهم. كذلك جرى تحليل استراتيجيات الصراع وتكتيكاته، والمجرى المحتمل للأحداث، وثقتنا الكاملة بقدرة الإنسان على البقاء".
أما الخطاب الثاني فألقي في الحفل الختامي لـ"المؤتمر الدولي الأول للثقافة والتنمية". الذي عقد في هافانا في حزيران/يونيو. ويكمل الخطاب القضايا التي شرحت في "الخطاب الرئيس"، وفي كاراكاس. لكن التركيز ينتقل في هذا الخطاب إلى الاعتداءات التي تتعرض لها السيادة من قبل النظام الإمبريالي الاقتصادي الخاضع لهيمنة قوة عظمى وحيدة. وإلى جانب الانتقادات التي يوجهها للثقافة على خلفية خضوعها لنظام تديره الشركات العابرة للحدود التي تحتكر قطاع الاتصالات. يقدم الخطاب عرضاً مفصلاً لعدوان "حلف شمال الأطلسي" على يوغوسلافيا فالحقائق حول يوغوسلافيا، التي حجبتها إعادة كتابة إمبريالية للتاريخ، تُكشف بذكاء. ويجادل كاسترو أن الثقافة والسيادة تربطهما علاقة مشتركة، وأن الدفاع عن كليتهما في وجه الانتهاكات الصادرة عن سوق تتصف بالجشع يقدم إطاراً للتوكيد على أن السيادة الوطنية لا يمكن تسليم مقاليدها لنظام إمبريالي لا يخدم غير مصالحه. ويمكن القول بأن خطابا فيدل كاسترو القويان إنما يشكلا صوتاً لمعارضة عالمية تتكون في مواجهة الإجماع المكذوب حول النظام العالمي النيولبرالي. والهدف أن يساهم هذا الكتاب في تعزيز الرؤية البديلة التي لا تزال قيد التكوين.
وتجدر الإشارة إلى أن سلسلة "عين" التي تولت نشر هذين الخطابين إنما تتناول القضايا الإقليمية والدولية التي تهم العالم، وهي تتوخى بعملها هذا تلبية اهتمامات القارئ الفكرية والسياسية الراهنة، وتمثل سعياً جدياً إلى توضيح الصورة وتسليط الضوء على هموم العصر. وهي تجمع أفضل ما تخطه أقلام الباحثين والكتاب العرب وغير العرب، وتعالج قضايا رئيسية، مثل النظام العالمي، والعولمة، والديموقراطية، والإرهاب، والقضية الفلسطينية، والتنمية، والبيئة، والحياة، وغيرها من الشؤون الحيوية في عالمنا اليوم. وبعبارة مختصرة؛ إن سلسلة "عين" إنما تطمح إلى طرح رؤى جديدة، وأفكار منفتحة، للمساهمة في إحداث وعي اجتماعي وسعي للتقدم الإنساني الفكري، نحو الأفضل.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد