-
/ عربي / USD
هذه المقالات النقدية ذات مناخ انطباعي غير مقيد بخطية منهجية محددة. ذلك أن الناقد ليس دارساً، محللاً وحسب، إنما هو ذوّاقة، يعمد إلى حسه النقدي الذي به يرى معيار الجمال من زاوية غير الزاوية التي يرى من خلالها الآخرون. فالنص، بهذا المعنى، حالة إيمائية، أو مقترب فكري أو مدرجة فنية أكثر مما هو مادة اختبار ومعالجة، فهذه تقتضي المنهجية، وتلك تتطلب ذاتية مطلقة من كل قيد. هي انطباع وانفعال وأثاره وانعكاسه. هكذا تتراجم أحياناً صفة البحاثة في عمل الناقد وتتقدم صفة الشاعرية.
ففي الأولى قاعدة وعيار وطريق ومقياس تلخص جميعاً في الأصول النقدية. وفي الثانية خروج عن المتبع والمألوف ومعالجة مختلفة، قد تتغير بتغير كل نص وموضوع. وفي الأولى انضباط واع ومشروط، وفي الثانية ما يشبه العبثية التي تقاوم، أو تحاول أن تقاوم، كل شرط مسبق. في الأولى مناخ صارم حاد تجلى في "مدار الكلمة". وفي الثانية مناخ طبّع ملوّن يتجلى الآن في "مرايا متعاكسة". والمقالات في "المرايا المتعاكسة" عالجت، أو استوحت، القصة والمسرح والشعر كما استوحت عدداً من قضايا الفكرية المعاصرة، من مقترب ذاتي خالص يترك الباب مفتوحاً أمام مقتربات نقدية أخرى. تبقى الإشارة إلى هذه المواضيع ليست مختارة لذاتها قدر ما هي مختارة كنماذج للشؤون الثقافية التي تشغل الناقد أو تثير اهتمامه على صعيد جمالي ذوقي، أو على صعيد يلزم الثقافة بالحياة كما الحياة بالثقافة. أنها مرايا الفنون الكتابية التي شكلت محوراً من محاور التطلبات الأدبية خلال السبعينات في لبنان والخارج وبالتالي الوجوه المصقولة التي انعكست عليها جوانب حياتنا المعاصرة بأبعادها المتداخلة والمتشعبة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد