-
/ عربي / USD
لا جدال في أن موضوع "الإسلام" يشغل اليوم فكر طائفة كبيرة من البشر من خارج العالم الإسلامي، ويرجع ذلك إلى أسباب مختلفة أشدّ الإختلاف، وطبقاً لهذا الإختلاف في الأسباب، تختلف النتائج.
والشخص الذي ينظر إلى الإسلام من الخارج، أي من موقع المراقب الخارجي، والذي لم يدرك البعد الداخلي للإسلام، يرى نتيجة لهذا وجوهاً عديدة للإسلام - إذا جاز هذا التعبير - فهو يتلقى العديد من الإنطباعات المتفرقة التي لا يعرف لها إرتباطاً داخلياً؛ أي إنه تبلقى صورةً لا تطابق بطبيعة الحال حقيقة هذا الدين، ولا تعبر عن الإسلام الحق.
ولهذا يتساءل عن أيّ هذه الوجوه التي يتصورها الإسلام هي الصورة الحقة، وإذا كانت مثل هذه الصورة موجودة أصلاً في دنيا الواقع، ويشار في هذا الصدد إلى أن هناك في البلاد الإسلامية المختلفة عادات وتقاليد متباينة، تختلف من بلد إلى بلد، وتختلط في جانب منها بتراث ما قبل الإسلام، الأمر الذي يجعل المرء يتساءل: ألا يجد الإنسان نفسه حينئذٍ مضطراً، عندما يلاحظ سلوك عدد كبير من المسلمين - إلا أن يستنتج أن هناك أشكالاً كثيرة من الإسلام، وأن الإسلام الواحد الحقيقي لا وجود له، كل هذه الأفكار وما يشابهها يمكن ردّها إلى نهج في النظر إلى الأمور يأخذ بالظاهر ولا يغوص في الأعماق.
فنحن إذا انطلقنا من الإسلام نفسه، أي من منظور "موضوع" الإسلام ذاته، يتضح لنا مدى سطحية هذه الأفكار - وما تنطوي عليه من أحكام - لأنها تجهل أو تتجاهل صلب الموضوع ومحوره الأساسي، وهذا ما يسعى دكتور محمود حمدي زقزوق إلى إلقاء الضوء عليه في دراسته هذه والتي جاءت تحت عنوان "إسلام واحد وتفسيرات متعددة: نشأتها ومناهجها المعرفية وأهميتها في العصر الحاضر".
هذا وتأتي هذه الدراسة ضمن مجموعة من الدراسات التي ضمها هذا الكتاب والتي جاءت، وكما يذكر دكتور زقزوق، نتيجة للإختلاف الواضح من الآراء بين المتحاورين حول الإسلام، فكان لزاماً دراسته دراسة واعية وعميقة، وصولاً إلى فهمه على الوجه الصحيح؛ ليكون ذلك بمثابة دليل إلى الحوار المثمر، وإلى التعرف على الشعوب الأخرى وإحترام تقاليدها الإيجابية، وإلى الوقوف منها في نهاية المطاف موقفاً متسامحاً على نحو فعّال، وإلى الإلتزام حيالها بسلوك عادل كما يأمرنا القرآن الكريم.
ومن شأن ذلك أن يمكننا من التعايش الإيجابي مع الآخرين في ظلّ حياة كريمة، مضيفاً بأنه لا يزال الحوار مع الآخرين طريقاً مفتوحاً أمام المسلمين للتعريف بالإسلام - الذي هو دين السلام - وشرح قضاياه، وإبراز الوجه الحضاري لهذا الدين الذي لا يعرف الإرهاب أو التطرف؛ فالإرهاب ليس ظاهرة إسلامية، والمسلمون أنفسهم ضحايا للإرهاب، ولن يستطيع العالم القضاء على الإرهاب إلا بالتعاون مع المسلمين من أجل أمن وسلام وإستقرار هذا العالم الذي هو عالمنا جميعاً.
من أجل المشاركة في الحوار الدائر بين الأديان والحضارات يأتي هذا الكتاب للإسهام في توضيح صورة الإسلام والمسلمين من خلال الإقناع الهادئ والرضى الموضوعي لتعاليم الإسلام المفترى عليه.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الأوراق البحثية التي ضمها هذا الكتاب قد سبق أن قدمها دكتور محمود حمدي زقزوق إلى العديد من المؤتمرات والندوات في عدد من البلاد الأوروبية وتم النشر الكثير منها مع بحوث أخرى عام 2000 في كتاب باللغة الألمانية بعنوان (مدخل إلى الإسلام) من نشر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وتمت ترجمتها إلى العربية، ليستفيد مما ورد فيها من آراء قيمة القارئ العربي.
وقد تم ترتيب المواضيع ضمن بابين، كان المحور الذي دارت حوله الدراسات في الباب الأول "الإسلام وقضايا الحوار"، أما الباب الثاني فقد جاء تحت عنوان "الإسلام في عصر العولمة" وقد اندرجت تحت هذين المحورين فصول كثيرة.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد