-
/ عربي / USD
كان ويبقى كتاب توماس كارليل محور إهتمام لمن يقرأ بلغة هذا العصر عظمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، من عرب وغربيين، من مسلمين وغير مسلمين، حيث عقد كارليل في كتابه هذا فصلاً عن محمد صلى الله عليه وسلم، وجعله نموذج البطولة النبوية بين أبطال العالم الذين اختارهم للوصف والتدليل.
من هنا برزت لدى عباس محمود العقاد تأليف هذا الكتاب، لأنه حريٌّ بمن هو عربي مسلم الذي يفهم شخصية محمد لا كما يفهمها كارليل الكاتب الغربي، ولا يعرف الإسلام كما يعرفها العربي المسلم، حريٌّ به أن يضع كتاباً لقراء العربية كتاباً عن محمد صلى الله عليه وسلم النمط الحديث، وهكذا تم تأليف كتاب "عبقرية محمد" الذي سيرى القارئ بأن "عبقرية محمد" هو عنوان يؤدي معناه في حدوده المقصودة ولا يتعداها، فليس الكتاب سيرة نبوية جديدة تضاف إلى السير العربية والأجنبية التي حفلت بها المكتبة المحمدية، لأن غرض العقاد في كتابه هذا ليست وقائع السيرة لذاتها، كما أن الكتاب ليس شرحاً للإسلام وبعض أحكامه، او دفاعاً عنه، أو مجادلة لخصومه...
إنما الكتاب تقدير "لعبقرية محمد" بالمقدار الذين يدين به كل إنسان ولا يدين به المسلم وكفى، وبالحق الذي يبث له الحب في قلب كل إنسان، وليس في قلب كل مسلم وكفى... فمحمد هنا عظيم... لأنه قدوة المقتدين في المناقب التي يتمناها المخلصون لجميع الناس... عظيم لأنه على خلق عظيم... وإيتاء العظمة حقها لازم في كل آونة وبين كل قبيل، ولكنه في هذا الزمن وفي عالمنا هذا ألزم منه في أزمنة أخرى، لسببين متقاربين: أحدهما أن العالم اليوم أحوج مما كان إلى المصلحين النافعين لشعوبهم وللشعوب كافة.
والسبب الآخر أن الناس قد اجترأوا على العظمة في زماننا بقدر حاجتهم إلى هدايتها، فإن شيوع الحقوق العامة قد أعزى أناساً من صغار النفوس بأفكار الحقوق الخاصة، حقوق العليّة النادرين الذين ينصفهم التمييز وتطلمهم المساواة هؤلاء ينظرون إلى أقطاب الدنيا كأن الأصل في النظر إليهم أن يتجنوا عليهم ويثلبوا كرامتهم، بعد أن تفرغ عندهم وسائل التجني والثلب والإفتراء هذه الآفة تهبط بالخلق الإنساني إلى الحضيض.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد