-
/ عربي / USD
إن هذا الكتاب يتعرض لمسائل دقيقة، تمتد على مساحة زمنية رهصت بالمتغيرات التي تبلورت على الصعيد "الايديولوجي" في مطلع القرن الثاني الهجري. ولعل المسألة الشيعية كانت في طليعة الحركات التي صاغت أو برمجت العمل السياسي في ذلك الوقت، مجسَّدة فرادتها في تلك الدينامية التي كانت احدى سماتها اللافتة. أما العناصر المغذية لها في هذا السبيل، فكان من أبرزها "العِلمْ" الذي اعتُبر من خصوصيات زعامتها المتناقلة، فضلاً عن "الموروث الكربلائي"، الذي أمدّها بعنصر آخر أساسي، مستلهمةً منه، وحركات أخرى غيرها، التضحية الراقية والتجربة النضالية الفذّة.
وقد لا يبدو "فان فلوتن" على استيعاب كافٍ للحركة الشيعية من هذا المنظور، خاصة وأن هذه على الرغم من الاضطهاد الذي استهدفها في العهدين الأموي والعباسي، فإن زعامتها كانت أقل استهدافاً في العهدين الأموي والعباسي، فإن زعامتها كانت أقل استهدافاً في الأول-إذا ما استثنينا المجابهة الحتمية بين "الحسين" و"يزيد"-في الوقت الذي كان فيه السيف مسلطاً على رأسها في العهد الثاني. ويحول دون قيامها بحدٍّ معين من التحرك السياسي. وسيؤدي ذلك لاحقاً إلى منعطف آخر، ربما كان أكثر جذرية من سوابقه، أو ما يمكن تسميته بـ"المحنة" التي زامنت الإمام السادس جعفر بن محمد (الصادق)، منظّر الفكر الشيعي وممثل شرعية الحركة، التي خرج من صفوفها من جنح إلى التطرّف والسرية المطلقة. وكانت "المهدية" نتاج هذه الظروف، في ضوء تطورات المرحلة وتحت تأثير معاناة الشيعية السياسية التي بلغت الذروة عشية اختفاء الإمام أو "غيبته".
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد