-
/ عربي / USD
هذا الكتاب، الذي لم يتركه لنا كاملاً أديب العربية وشاعرها الأستاذ أمين نخلة، هو المؤلف الأخير الذي عمل عليه الأمين فترة طويلة من الزمن قبل أن وافاه الأجل من الثالث عشر من شهر أيار (مايو) سنة 1976 والأمين الذي ترك لنا المؤلفات النثرية الهامة: "أمثال المفكرة الريفية" و"ذات العماد" وسواها، بالإضافة إلى شعره الرائع، هو صاحب ميسم خاص في الكتابة ومن أهل التنخل والذوق العالي. وهو في عالم الأدب والشعر من هو في البحث عن لفظ أو النبش عن معنى أو طرفة أو ملحةٍ أو نكتة أو قول مستحسنٍ مستساغ تتقطع على مثله الأنفاس. أمين نخلة سيد من أسياد الكلمة ومن أبدع المنشئين في العربية بعد الجاحظ. يوفق إلى اختيار اللفظة إلى إنزالها في الجملة فتقع موقعها وتأتي، ومن ثم في سياق الكلام، كأنها حفر وتنزيل أو كأنها لؤلؤ. وهو في الأدب العربي الحديث نسيج وحده "أبي أن ينطي مطيه سواء أو أن يتحلى بحلى مستعار" وهذا الكتاب الذي بين أيدينا يضم خمساً وعشرين ترجمة.
بالإضافة إلى مختارات من القرآن الكريم هي واسطة العقد. يختار فيه الأمين من النثر العربي وفقاً لعصوره وبالتدرج حسب سنة وفاة الكاتب فيبدأ في الجاهلية بامرأة مجهولة سنة الولادة وسنة الوفاة هي "أم عصام"، وينتهي في العصر الحديث بامرأة أخرى هي "ماري عجمي" المتوفاة سنة 1965 فتكون الفترة الزمنية التي يختار منها حوالي خمسة عشر قرناً، وهي فترة طويلة جداً.
ثم يطيل الوقوف عند القرآن الكريم، والحديث الشريف. والإمام عليّ، إمام البلاغة، مروراً بابن المقفع وبأبي عثمان الجاحظ الذي كان ينزله منزلة خاصة، دون أن يقف عند أبي حيان التوحيدي على الرغم من أنه يشير إليه وينقل عنه خاصة عن كتابه "البصائر والذخائر"، وصولاً إلى العصر الحديث فيقف عند كتاب مبدعين وعند شعراء كبار عرفوا بشعرهم ولم يعرفوا كثيراً بنثرهم أمثال: حافظ إبراهيم، وأحمد شوقي، وخليل مطران. وهو لا يكتفي بأن يختار نصوصاً لهؤلاء الأدباء والكتاب، بل يقدمهم لنا ويترجم لهم، ما عدا أحمد شوقي، وينقل أهم ما قيل فيهم وفي أدبهم قديماً وحديثاً من آراء، ويستطرد أحياناً ويورد أخباراً وتعليقات وتعقيبات مما يظهر لنا مدى اطلاعه وسعة مطالعته. ويكثر من الشواهد والهوامش فيشرح ويفسّر ويعلّق، فيعطينا صورة واضحة عنهم ويقدم لنا متعة ما بعدها متعه وكل ذلك بأسلوب ملؤة البلاغة والرونق والبيان المشرق.
قيّم هذا الكتاب
هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟
لا توجد أي مراجعات بعد